السبت 27-04-2024
الوكيل الاخباري
 

الحكومة والإعلام.. كيف تكون العلاقة؟



غالبا ما يصنّف رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة على أنه الأكثر تحفظا في الظهور الإعلامي من بين الرؤساء، وكما يقول هو نفسه إنه يفضل عدم الحديث إلا بما هو منجز، أو ما استقامت له مقومات الإنجاز.

اضافة اعلان


تلك وجهة نظره، ولا يمكن لأحد دفعه لتغييرها، لكنها قد تدفع البعض للاعتقاد أنها وجهة نظر فيها من كثير من الإحباط، فقلة ظهوره، وفق قاعدته، تعني أنه وبعد 16 شهرا على تكليفه بالسلطة التنفيذية، لم يحقق ما يستحق الخروج للناس للتحدث عنه.


في اللقاء الثالث الذي يعقده الرئيس مع الإعلام بشكل جماعي منذ وصوله للدوار الرابع، كان واضحا أن الخصاونة بات اليوم على قناعة بأن مفهوم الظهور الإعلامي ليس مقتصرا على المؤتمرات الصحفية، أو المقابلات والحوارات مع المؤسسات الإعلامية، وإنما يتوسع إلى لقاءات عصف ذهني وتبادل وجهات النظر خلف الأبواب.

الإعلام في صيغة المعادلة الطبيعية يجب أن يكون جزءا مما يحدث داخل المطبخ الرسمي. ليس مطلوبا منه أن يكون صاحب دور في صناعته وإنما صاحب رؤية باعتباره الأكثر اشتباكا مع صوت الناس. كما أن من شأن ذلك جعل مخرجات الإعلام غير نابعة من الاجتهاد وإنما من المعرفة، ما يساعد على خلق توازن بين صاحب المعلومة وناقلها وبين المتلقي.

أحد رؤساء الوزراء السابقين أجابني عندما سألته عن تقييم علاقته بالإعلام إبان توليه رئاسة الحكومة التي كانت أكثر اشتباكا مع الصحفيين من حكومة الخصاونة بأنه كان يجب أن يكون منفتحا أكثر مع المشهد الإعلامي.
الإعلام لم يكن في أي يوم بحاجة لعلاقة مع المسؤول إلا بحدود الحصول على المعلومة، أي علاقة مصلحية قائمة على فكرة التنافس بين المؤسسات الإعلامية لتوفير المعرفة التي يحتاجها المواطن، وتحليلها وتفسيرها. لكن بالنسبة للمسؤول فالإعلام أداة خطيرة عليه الاشتباك معها، فإدارة الظهر له كلفة كبيرة سيدفعها، ليس هو فقط وإنما البلد بأكمله، فالبديل فوضى تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي.

ربما لم يقدم الخصاونة جديدا خلال اللقاء الذي تحدث فيه بلا قيود أو خوف من الخطأ أو زلة اللسان التي قد توقعه في براثن المتنمرين في الفضاء الإلكتروني، لكن الأمر كان بداية لمرحلة تحول حقيقية، يتوجب البناء عليها، مع الانتباه إلى أن هذا الانفتاح لا يبنى على حساب الصالح العام.

ربما يرى البعض أن الظهور الإعلامي الأخير للرئيس جاء متأخرا بعض الشيء، لكن إن أردنا الحديث بمهنية وحيادية فلا شك أنه لا بديل عن علاقة صحية بين الطرفين يحكمها تقبل النقد البناء البعيد عن الشخصنة والأجندات والاستهداف وبث السلبية، بنفس القدر الذي يجب أن تكون بعيدة عن تحول المؤسسات الإعلامية لناطق باسم الحكومة هدفها فقط بث الرسائل بصورة غير منطقية وغير مقنعة، وربما بعضها يكون منفرا.
لن أعرج في هذه المقالة إلى ما تحدث به الخصاونة، أولا، لأن ما استمعنا إليه مكاشفة عما أنجز، وسيدفعنا ذلك للتأكيد على أنه كان بالإمكان أفضل مما كان، والرئيس نفسه اعترف ببعض الاجتهادات الخاطئة لحكومته، والسبب الثاني يكمن في أن رمي سهام الغزل تجاه الحكومة يضرها ولا ينفعها، فهناك رأي عام يراقب ويدرك الحقائق.

لكن، وفي ضوء المعطيات العامة للقاء فإنه يصنف باعتباره لقاء وضع النقاط فوق الحروف، ويؤشر إلى تحول مهم نأمل أن يكون له أثر إيجابي في منظومة العلاقة الصحية التي عنوانها مؤطر بالصالح العام للدولة والمواطن، ومن المهم مساندة الحكومة في ذلك بطريقة مهنية وموضوعية.

كإعلام، فإن كل ما نريده من الرئيس وحكومته إدراك ما غاب عنهم خلال 16 شهرا، وهو أن القادم الأجمل الذي تحدث عنه الخصاونة ونأمل في الوصول إليه لا يتأتى دون روافع حقيقية قادرة على التقييم وإبداء الرأي، حتى لو اشتمل هذا الرأي على رؤية نقدية صارمة!