الجمعة 29-03-2024
الوكيل الاخباري
 

الفلسطينيون والمشاركة في منتدى النقب



ثمة رأيان في ما يتعلق بمشاركة السلطة الفلسطينية بأعمال منتدى النقب، الذي يجمع دول الاتفاقات الإبراهيمية ومصر مع إسرائيل، لمناقشة التعاون والتشارك حول المشاريع الإقليمية الكبرى، انبثقت عنه مجموعات عمل مختلفة تعنى بالأمن والسياسات، إضافة لقطاعات حيوية كالماء والأمن الغذائي والطاقة والبنية التحتية وغيرها.اضافة اعلان


الرأي الأول يقول إن هذا المنتدى هو عبارة عن التفاف سياسي لتحييد القضية الفلسطينية كأولوية إقليمية، والأصل والمنطق يوجبان أن يتحقق أو على الأقل أن نتقدم خطوات باتجاه إحقاق الدولة الفلسطينية وحقوق شعبها ومن ثم نتحدث عن تعاون إقليمي اقتصادي، أما السير بالتعاون بينما الاحتلال قائم والحقوق الفلسطينية منتهكة، فهذا غير منطقي ولا مقبول، ولن ينجح، لأن الفلسطينيين جوهر القضية وطرفها الرئيس، والعرب وإن تعاونوا بالمشاريع الإقليمية مع إسرائيل فلن يكون ذلك بديلا عنهم.

رأي ثان يقول، إن مشاركة الفلسطينيين في المنتدى شيء مفيد لهم سياسيا واقتصاديا، وإن وجودهم على الطاولة أفضل من غيابهم عنها، يطرحون أفكارهم ويستخدمون المنتدى كأحد ميادين كفاحهم من أجل الدولة والسيادة والاستقلال، بل إن مشاركتهم تتسق تماما مع فلسفة الانخراط بالسلام مع إسرائيل منذ أوسلو.

إن الفلسطينيين، ورغم الاحتلال، مستمرون ببناء مؤسساتهم ودولتهم حتى تصل لمرحلة يكون وجود واستقلال الدولة حتمية سياسية لا مناص من تفاديها لا من قبل إسرائيل أو من قبل غيرها.

قيام الدولة حتمي لأن بديله كارثي على الجميع بما فيها إسرائيل، التي يعد حل الدولة الواحدة وغياب حل الدولتين انتحارا سياسيا بالنسبة لها، ومصلحتها الوجودية تقضي بوجود دولة فلسطينية.

كما أن الاتفاقات الإبراهيمية، كما يتضح، لم تؤد الى تحييد أطرافها العربية عن دعم الفلسطينيين أو مواجهة إسرائيل إن هي حادت عن الأطر المقبولة (واللمسات الأردنية واضحة بتأثيرها بذلك).

رأينا دليلا عمليا في مواقفها من الاقتحام الأخير للحرم القدسي الذي قام به وزير عامل في الحكومة الإسرائيلية، بمعنى أن الاتفاقات الإبراهيمية ليست بالضرورة على حساب الطموح الفلسطيني بالعدالة والدولة والتفافا عليه، بل مساند له توظف العلاقات مع إسرائيل باتجاهه.

يتزايد عدد العقلاء من أصدقاء الفلسطينيين المناصرين لقضيتهم للرأي الثاني، الذي يعتقد أن مشاركة الفلسطينيين فيها نفع سياسي واقتصادي لهم، يوفر لهم أحد ميادين عملهم السياسي لصالح بناء دولتهم، ويرون أن ذلك متسق تماما مع نهج القيادة الفلسطينية الذي طالما دعا للمقاومة عن طريق البناء لمؤسسات الدولة الفلسطينية والنهوض باقتصاده وتعليمه وبنيته التحتية والفوقية، وأن عمل ذلك تحت الاحتلال جزء من المقاومة وفعل من أفعالها، وخيار استراتيجي عاقل لأن تمكين الفلسطينيين اقتصاديا هو تثبيت للصمود على الأرض وانتزاع للحقوق.

إسرائيل تخسر معركة الرأي العام العالمية بتدرج، وقرار عدم المشاركة بإعمال منتدى النقب يصب في صالح روايتها التي تسوقها بعدم وجود شريك فلسطيني، أما المشاركة بالمنتدى فتصب في صالح الفلسطينيين سياسيا، وتجلب نفعا اقتصاديا سيكون داعما للمشروع الوطني الفلسطيني. الذهاب للمنتدى لا يتعارض وليس بديلا عن الحقوق الفلسطينية السياسية والسيادية، بل متسق تماما مع الكفاح الوطني الفلسطيني الساعي لإحقاقها.