السبت 2024-12-14 11:51 م
 

الفيروس اليوم في بيتنا

01:22 م
 
خلال الأشهر الماضية، كنت أتابع رحلة الفيروس في أرجاء العالم وأدعو الله أن يجنبنا شروره وأخطاره. كغيري من كتاب المقالات أبديت إعجابي بالخطوات التي اتخذتها حكومتنا في بداية الأزمة وتعجبت من إصرار بعض المسؤولين على أننا تفوقنا وأصبحنا نموذجا يتطلع له العالم. لقد أشرت مرارا الى تخوفي الشديد من الثقة الزائدة التي تسللت الى عقول بعض السياسيين والكوادر ممن أداروا الأزمة عبر الأشهر الستة الأولى من ظهورها وتمنيت لو أننا تبنينا خطابا أكثر واقعية في التقييم لما قمنا به وقام به الآخرون وانصرفنا الى تبني استراتيجية لا تخلط بين سياسات التباعد والتقارب والإغلاق والانفتاح، لكن لكل ذلك أسباب، فلا أحد في العالم على دراية تامة بما ينبغي أن تقوم به الدول والحكومات.اضافة اعلان


على الصعيد الشخصي، كنت أحاول حماية أسرتي ونفسي بكل ما أوتيت من معرفة وقوة، وأسدي النصيحة لهم وللأهل والمتابعين بأن نتبع التعليمات ونتخلى عن العادات والطباع والممارسات التي يمكن أن تزيد فرص تعرضنا للفيروس وتؤدي الى الانتشار. كان يتملكنا الخوف كلما حملت البيانات والمؤتمرات الصحفية خبر وصول الوباء الى قرية نائية أو حي في مدينة على إثر اختلاط قادم من أوروبا أو سائق لم يتقيد بقواعد الحجر المنزلي وصولا الى حالات تسلل الوباء عبر العاملين على نقاط الحدود التي اعتقدنا أنها محصنة ومراقبة بدقة وصرامة لا تسمح بحدوث ما حدث من انتشار أوصل الوباء لمختلف محافظات المملكة وأخرج المنحنى من حالة التسطيح الى الصعود الذي فاق كل التوقعات والتنبؤات.

بعد كل ذلك، ظهر لنا أن الاحتياطات التي اتخذناها والإجراءات والبيانات التي استمعنا اليها وحاولنا الالتزام بها لم تكن مجدية بالشكل الكافي، فقد وجد الفيروس ثغرة في نظام حمايتنا وتسلل الينا منها. اليوم أصبح الفيروس معنا في البيت، فقد تمكن من النفاذ الى جسد أحد أطيب وأعذب وأصدق الناس وأكثرهم انشغالا بصحة ووعي وسلامة الناس، لكنه لم ينل من روحها ومعنوياتها وعزيمتها. لقد أمضت رفيقتي وزوجتي أم عبداللطيف الليلة الأولى من العزل المنزلي وهي راضية بقدر الله تجذف بإيمان وأمل نحو شاطئ الأمان علها تتجاوز نوبات السعال وارتفاع الحرارة وتتغلب على الشد العضلي الذي يأتيها من وقت لآخر.

الاشتباك مع الفيروس اللعين بدأ صباح الخميس عندما شعرت نسرين بأعراض احتقان الحلق وسيلان الأنف وألم الكتفين مصحوب بإنهاك شديد، الأمر الذي أخافنا ودفعنا لأن نتبارى في البحث عن أدلة تستبعد أن يكون ما تعانيه ناجما عن التقاطها فيروس كورونا الذي أخافنا طوال أشهر ربيع وصيف هذا العام. على الفور أجرينا اتصالاتنا مع الطبيب الذي اعتدنا على مراجعته عندما تشتد أعراض البرد والانفلونزا والتحسس، وأخذنا منه موعدا ونحن نأمل بأن لا تكون مخاوفنا في محلها. فالإصابة بالفيروس مزعجة ومخيفة ومعطلة لأي نشاط، وفي البيت ابننا الرقيق الذي يتعاطف مع كل الناس وآلامهم، فما بالك اذا كانت المعاناة في البيت ولأعز الناس عليه!

التوقيت الذي اختاره الفيروس غير مناسب ولا عادي، فهناك التزامات ومواعيد وحاجة كبيرة الى الطاقة والجهد والتواصل، ومع ذلك لا يملك المرء إلا أن يقول قدر الله وما شاء فعل.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة