الجمعة 26-04-2024
الوكيل الاخباري
 

الكراسي




كانوا في مقهى يتبادلون الأحاديث المختلفة. لعلهم كانوا ينتظرون مباراة لكرة القدم أو شيئا من هذا القبيل. كانوا سبعة أو عشرة أو أكثر بقليل. المكان يزدحم بالرواد والزبائن. وما أن اقترب موعد المباراة حتى كان الجميع في ترقب. وفجأة ظهرت مشكلة المقاعد. فالرواد أكثر من المتوفر منها. قال صاحب المقهى: انتظروا سوف نحل المشكلة قريبا. لكن الزبائن لم يهدأوا. ظلوا في حالة قلق شديد.اضافة اعلان

 حاول بعضهم الانشغال بأرجيلة وأخذ يلوح بخرطومها ذات اليمين وذات اليسار وكأنه في (دبكة ) .
 بينما كانت عيون بعضهم تتابع أحداث الحرب في اليمن و انقلاب دولة (ماينمار ) وردود الفعل عليه.
رجل واحد جلس في ركن قصي. كان يشرب الشاي بهدوء ويفرك أوراق الصحيفة القديمة بأصابعه الجافة. لعله الصامت الوحيد بينهم. لعله كان يحملق بوجوه الناس ويقرأ ملامحهم أكثر مما كان يطالع الصحيفة.
 « بدنا كراسي وين الكراسي»
 ارتفعت الصيحات من كل الاتجاهات.
 « مش معقول مقهى بدون كراسي»
 صاح آخر ، وانتظر ردود الفعل على كلامه.

 كان صاحب المقهى في دهشة من الحاضرين . كلهم يبحثون عن الكراسي وهو لديه كرسيّ واحد يخشى عليه من تناول الأيدي. قام وظلت رجله ملتصقة بحافة الكرسي. خشي ان تمتد يد وتسحبه من تحته. هو صاحب المكان وكل هؤلاء بمثابة زبائن عنده. صحيح أنه يبدو لطيفا معهم ، لكن الكرسي له وحده ولا ينبغي لاحد أن يزاحمه عليه. صار الكرسي جزءا من هيبته. فما أن يصل في الصباح حتى يتفقده ويرفع ظهره عاليا لكي يتأكد أن كل شيء يسير وفق رغباته وكما يشاء هو.
 فجأة.. جاء عامل المقهى ومعه بضعة «كراسي». وعلى الفور امتدت الأيدي اليه تخطف منه ما تيسّر منها.
 علت في المكان الصرخات. بعضهم لم يحصل على كرسيه بسبب الزحام الشديد. بينما ظهرت علامات الرضا على الآخرين.
 « بدنا كراسي يا عالم ، وين الكراسي». قال أحدهم .
 « الكراسي لناس وناس» . علّق آخر.
 « طاخ طاخ طاخ «

 سُمع صوت ارتطام سيارة بسيارة . هرع البعض وبقي الآخر ملتصقا بكرسيه.»وين الشباب قوموا شوفو الحادث»
 صاح صاحب المقهى. لكن أحدا لم يغادر مكانه.
 كثرت الأصوات في الخارج وتداخلت بالدعاء أن يرحم الله المصابين. بينما ظلت الأصابع تتحسس أطراف الكراسي خوفا من قوة ما تسحبها الى المجهول،،.
بدنا كراسي لا تلتصق ب (قفا ) الجالسين عليها !!