الثلاثاء 16-04-2024
الوكيل الاخباري
 

المرحوم.. المحظوظ



( هذه القصة حدثت معي قبل أكثر من 15 سنة )

كانت....

كل صباح تفعل هذا:

تأتي إمرأة مزنرة بالسواد وتضع زهرة أمام سيارتي الجاثمة في الساحة المقابلة ، وتمضي بخطى وئيدة دون أن يشعر بها أحد .اضافة اعلان


لمرات عديدة ، كنتُ أظن أن ما يحدث ربما كان بالصدفة أو أن من يفعل ذلك إنما وضعها بشكل عابر ونادر. ذلك قبل أن أُراقب سيارتي وبالطبع كي أعرف سر الورد. لكنني ذات صباح تشريني صحوت مبكرا جدا وعلى غير عادتي ، سرقت نظرة الى الساحة الفارغة ، ويا لهول ما رأيت . سيدة ترتدي ثوبا أسود تماما وتغطي رأسها بشال مثل لون ثوبها تنتعل حذاء هو أقرب الى الخُفّ منه الى عالم الأحذية. وربما اختارته لليونة تسمح لها بسرعة الحركة والفرار قبل أن يكتشف أمرها كائن ما.

حدّقتُ جيدا ، فربما خدعتني عيناي. وربما غبش الصبح صوّر لي ما لا أرى. لكن السيدة الغامضة استدارت حول نفسها بحركة رشيقة مثل غزال شارد ، وثبتت وردتها بماسحات السيارة ومثل ومضة مضت الى مجهولها والى عتمة روحها.

ثارت براكين القلق في بدني. من السيدة ولماذا تستبيح سيارتي في سكينة الفجر وتتركني في حيرتي؟ لم تكن روحي تمور في غليان شكّها بل في بحر أسئلة لا تنتهي.

انتقلت المشكلة إليّ.

كل صباح أجد وردا مختلفا ، وأشتم منه رائحة المرأة الغامضة ، وتشهد الجهات الأربع لحظات دهشتي.

أيتها السيدة ، من أنت ولماذا لا تبوحين بسرك الاّ للورد ولبياض حافلتي؟

أيام تلو أيام والمشهد ذاته ، وقبل ستة أيام وتحديدا ، في يوم العشاق الرابع عشر من شباط ، كان الورد أحمر تماما. وكانت السيدة تنتظر . ربما كي تتأمل وردها الجميل ولعلها تسمّرت أمام ذكرى بعيدة.

لقيتها قبل أن تختفي وقبل ان تبتلعها الدهشة. قلت يا سيدتي من أين كل هذا الحزن ومالك وهذا السواد. ظلت للحظات صامتة. ثم خرجت كلماتها مثل تأتأة طفل لم يفارق سنواته الأُولى. قالت دون أن تنظر اليّ: ثمة رجل كنتُ أُحبه. وكان يضع سيارته في نفس مكان سيارتك. كنتُ أُحبه أكثر من نفسي. لكنه رحل وتركني وحيدة الاّ من شوقي اليه. ترى هل أدركت سر ورد سيارتك.

لكنني لم أرد. فقد تجمدت لغتي. وانعقد لساني.

كل ما كان يهمني وكل ما تمنيته في تلك اللحظة ، أن أكون ذلك الرجل.. المحظوظ ،،!!