الخميس 28-03-2024
الوكيل الاخباري
 

الهروب إلى القرية من العاصمة



أعترف أنني منذ عدتُ للغور قبل شهر ونصف ونفسيّتي تميل للاستقرار؛ رغم ما أبثه لكم عبر المقالات من إحباطات مجتمعيّة لا دخل لها بالجغرافيا بل هي بشكل عام.اضافة اعلان


ماذا يميّز العاصمة عن غيرها من المدن و القرى ..؟ العاصمة لواحد مثلي هي نشاطات ثقافيّة وفنيّة وطلعات وقعدات وبناء علاقات اجتماعيّة؛ وكلّ ذلك قضت عليه وجمّدته وأخمدت شعلته جائحة كورونا والاجراءات المكافحة لها من حظر شامل وتباعد وكمامات..وما عادت العاصمة إلاّ غابة من الاسمنت تسلكها بحذر وتحبس نفسك فيها وأنت تضع أعصابك تحتك؛ تجلس عليها وتؤلمها كلّما تململت..!

في عمّان؛ عندكم نت وفي قرية الكرامة عندنا نت..عندكم تلفزيون وستلايت؛ عندنا تلفزيون وستلايت..عندك سيارات تلفلفوا فيها؛ عندنا سيارات ونلفلف فيها.. عندكم دكاكين وسوبرماركتات ومخابز تفتح ع الستة وتسكّر ع التسعة؛ وإحنا عندنا كمان ولعلمكم وبلا طوابير ومزاحمات.. عندكم أندومي؛ عندنا أندومي..عندكم دخان ؛ عندنا دخان..!!

ولكن؛ عندنا مساحات شاسعة نمشي بها بلا توقّف؛ فش عندكم..عندنا عائلات ممتدة وحوالينا ونطّ عندهم وينطّوا عندنا بأية لحظة؛ فش عندكم..عندنا هدوء وعصافير وبساتين؛ فش عندكم..عندنا ناس يعرفون بعضهم ويردّون السلام على بعضهم ويبتسمون في وجوه بعضهم؛ فش عندكم (قعدت ثلاث سنوات لعرفت جاري اللزم عندكم )..عندنا الآن الحياة؛ وعندكم تقطعت أوصالها..!

الهروب إلى القرى الآن جزء من العلاج النفسي؛ هذه النفس التي تحمّلت أكثر مما خُلقت له؛ هذه النفس التي كانت تعيش على قلق دائم..!

أيّها العمّانيّون: شُحرينكم..