الأحد 05-05-2024
الوكيل الاخباري
 

بين الإصلاح والتحديث!



كشفت اللقاءات الحوارية، والنقاشات الدائرة خلال عملية التشكيلات الحزبية الأردنية الجديدة عن وجود إشكالية فكرية في وصف المرحلة السياسية التي نعيشها حاليا بعد إقرار قانوني الأحزاب والانتخاب الجديدين، يتعلق معظمها في الخلط بين مفاهيم ( الإصلاح، والتغيير، والتطوير، والتحديث) كما لو أنها تعني شيئا واحدا، أو أننا بحاجة لها مجتمعة!اضافة اعلان


مع الوقت بدأنا ندرك أنه من الأهمية بمكان أن نحدد المصطلح الذي يستقيم أو يلائم عملية الانتقال الزمني من المئوية الأولى من عمر الدولة إلى مئوية ثانية ، تتزامن مع تغيرات هائلة في النظام العالمي ، وفي التوازنات الإقليمية، وما يرتبط بها من تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية، وهي معادلة تقوم أساسا على فحص ثوابت الدولة، وقدرة مؤسساتها الوطنية على الصمود في وجه أزمات متعددة العناوين والاتجاهات والمخاطر.

على مدى السنوات الماضية كان مفهوم ( الإصلاح) هو السائد في أدبياتنا الوطنية على اعتبار أنه الهدف الذي نستطيع من خلاله معالجة الاختلالات والمشاكل، وإعادة تأهيل السلطات والمؤسسات لكي تعالج وضعنا المحلي من جميع جوانبه، ولأن المصطلح في ظاهره مصطلح ايجابي، لم ننتبه إلى أنه يحمل في باطنه حكما شبه قطعي على وجود خلل عام في القطاعات والمؤسسات والتوجهات والسياسات، وبالتالي فإن تعبير ( الإصلاح ) يمكن أن يجر وراءه مصطلحات أخرى مثل التغيير، والتطوير، والتحديث، وغيرها مما يفيد بحتمية الخروج من وضع قائم إلى وضع محتمل أو ممكن!

جاء الحد الفاصل بين هذه المصطلحات عندما تم إقرار مصطلح التحديث أول مرة، على إثر تشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، وما تلا ذلك من مشروع متكامل لتحديث المنظومات الاقتصادية والإدارية والقانونية، وكأن هذا المصطلح يعيد صياغة فكر الدولة، ليجعله أكثر وضوحا أمام الغايات والأهداف التي نعمل من أجلها، تأسيساعلى بنية الدولة، وثباتها وقوتها ومكانتها وقدرتها على التقدم إلى الأمام، وذلك من خلال تحديث عمليات التفكير والتخطيط والتنفيذ التي تحاكي المتغيرات، وتتعامل معها بمنطلقات جديدة أو حديثة أو معاصرة.

هنا يظهر الفرق بين الإصلاح بمعنى معالجة المؤسسات، واسترجاع عافيتها وصلاحيتها للعمل، وبين التحديث بمعنى تجديد المؤسسات، وحشد قدراتها وإمكاناتها لكي تذهب بنا، ونذهب بها إلى مرحلة جديدة من مراحل تطور الدولة وحيويتها الطبيعية، وتوفير عناصر تقدمها، وحشد وتفعيل طاقاتها الكامنة، وفي مقدمتها طاقتها البشرية المتمثلة في الإنسان الأردني حين يشارك في صنع القرار، ويؤمن بالتحديث سبيلا للتغلب على المصاعب مهما كان حجمها!