الأحد 2024-12-15 07:25 ص
 

تظاهروا كما تريدون وسنفعل ما نريد

04:03 م

هذا الغضب الذي نراه ضد الولايات المتحدة وإسرائيل في الأردن، ليس منتجا، اذ كيف يكون مفيدا، ونحن نتلقى رواتب موظفينا من الاميركيين ورغيف خبزنا بمنحة منهم او من غيرهم، والكهرباء والماء من الإسرائيليين، فمن هو خصمك، يتحكم بك عميقا.

اضافة اعلان


معنى الكلام هنا، لا يتقصد مس دوافع الوطنيين، او الانتقاص منهم، لكن بدون الاستقلال عن غيرك، والاعتماد على نفسك، لا يمكن لكل هذا الغضب ان يكون له جدوى.


لقد اعتاد الاميركيون وغيرهم على الاعتصامات والمسيرات في العالم العربي، ومنذ الثلاثينيات ونحن نشهد المظاهرات في فلسطين ومصر واليمن ضد البريطانيين، وضد الفرنسيين في دول المغرب العربي، وصولا الى المظاهرات في الأردن ودول عربية عند سقوط بغداد، وأخيرا الاعتصامات احتجاجا على صفقة القرن.

هي اعتصامات رأيناها ايضا في الأردن، وفي الضفة الغربية التي كانت تنتفض سابقا ضد إسرائيل، فإذ بها تنضم الى الركب العربي الذي يكتفي باعتصام هنا او هناك.


هذه شعوب تم تربيطها، بما فيها الأردن، الذي يعيش على القروض والمساعدات، وأغلب موازنته من الاميركيين، ودول أخرى تتناغم مع الاميركيين، فتدفع لنا المال، ولم نصل الى هذه الحالة لولا سوء الإدارة، والفساد المالي والإداري، وتفرد تيار ما بشؤون هذا البلد، بما أدى الى اضعافه، وتحويله الى بنية هشة اجتماعيا واقتصاديا، و يعاني من أزمات كثيرة.

اللجوء الى الشارع، امر مهم، والذي يخرج في مسيرة او اعتصام سلمي، احسن بكثير من الذين يجلسون في بيوتهم، ولا يفعلون شيئاـ حتى لا نطعن في دوافع هؤلاء الوطنية، لكن العبرة في تراجع الاميركيين وغيرهم، عن هذه السياسات امام حجم المظاهرات او المسيرات، وقد ثبت انهم لا يتراجعون ابدا، وقد استهزأ مسؤولون اميركيون علنا بالعرب، اذ لم تقم الدنيا، بعد قرارات تم اتخاذها، وكان آخرها يتعلق بالقدس، فك الله أسرها.

الفكرة هنا ترتبط بمحددات معينة، فالشعب الذي تعيش حكومته على القروض والمساعدات والهبات، من اجل دفع الرواتب، مثل حالتنا نحن، سيعاني كثيرا امام هذا المشهد، هذا فوق ان بقية المليارات التي تدخل الخزينة بعد جمعها من الضرائب تؤدي أيضا الى ارهاق الناس، واتعابهم، وفي الحالتين، أي المساعدات، ثم الضرائب، نصير امام شعب مرهق جدا، يعاني من ازماته اليومية، بعد ان اعيد انتاج بنيته الداخلية.

كل جوار فلسطين ابتلي بأزمات مختلفة، من سورية التي تم تدميرها كليا، الى لبنان الذي يقف على حافة الانهيار، ومصر التي تعاني من وضع اقتصادي خانق وازمات سياسية، فالعراق الذي تم تدميره كليا، وصولا الى الأردن الغارق في ازمة ديونه الفلكية، وازماته الداخلية، والذي يتأمل حال هذه الشعوب، برغم وجود فرق بين بلد وآخر، يجد ان الكل مرهق، ومتعب جدا، وان الوهن بات سائدا، وهو وهن تمت صناعته على مدى عقود.

هذه نتيجة طبيعية لوجود إسرائيل، التي لن تسمح لأحد حولها وحواليها ان ينهض، اذ ان مصلحتها في شعوب شبه ميتة، او مرهقة، ظنا منها انها سوف تسلم بهذه الطريقة.

التعبير عن الغضب امام تعقيدات هذا المشهد، بمسيرة او اعتصام، يعد امرا وطنيا، وهو حق لكل انسان، لكن كيف يمكن لاعتصام امام سفارة، ان يغير من الواقع المر، امام حجم المخطط، وقد امضينا عمرنا في مسيرات واعتصامات، فيما كل المخططات تتواصل؟

هذا لا يعني الطلب من الناس، الا يعتصموا، وكأننا نحضهم على الاستسلام، لكن القصد هنا، ان نتذكر ان عنق هذه الشعوب ما دام بيد غيرها، وارادتها مرهونة، ورغيف خبزها يأتي بمنحة، وراتب موظفها يأتي عبر قرض، وشربة الماء تأتي من عدوك، وكهرباء مسجدك من المحتل، لا يمكن لها ان تنهض، لأننا نعالج مظهر الازمة، عبر اعتصام او مظاهرة، لا يأبه لها الطرف الآخر، وبدون حل الازمة من جذرها، سنبقى كما نحن، ان لم نتراجع اكثر.


امضينا عمرنا، ونحن نعتصم ونتظاهر، فيما فازوا بالابل واحفادها وحمولتها أيضا.

 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة