السبت 20-04-2024
الوكيل الاخباري
 

ثور عبّاس



كان الثور حرونا، أو ربما كان كسولا، لذلك حينما كان عباس يربط ثوره في السكّة لغايات الحراثة، كان الثور المحترم يقف متجمدا بلا حركة، ويدعي عباس أن ثوره لم يكن يرمش ايضا في تلك الحالة.اضافة اعلان

في تلك الحالة؟؟ أي حالة، هذا هو الوضع الدائم لثور عباس، في السراء والضراء، في الليل والنهار، صيفا شتاء ربيعا وخريفا. حتى لا نتهم بالتحامل، فقد كان الثور يبدي بعض التساهل في الحركة خلال الكثير من الأوقات كان يأكل ويمرح ويتقافز مثل السعدان، لكنه كان (يتشصّب) تماما عند بدء موسم الحراثة، ويتحول الى تمثال حي سيء الصنع.
من أجل الحقيقة والأمانة وراحة البال، فإن ثور عباس كان يحرث قليلا:
- ذهاب. اياب
- إياب ذهاب
وإذا أحس أنه قد اشتغل بما يتناسب مع كمية الأكل التي يمنحه اياها عباس يتوقف تماما، ويشعر أنه قام بالواجبات الدنيوية الموكولة اليه، ولم يستطع عباس بجبروته إجباره على إنهاء مشروعه التنموي، لا بالمليح ولا بالعاطل.
كل ما يريده عباس خلال العام هو ان يربط الفدان (المحترم) على السكة للحراثة وتجهيز الأرض كاملة للزراعة، خلال مواسم الحراثة. حاول الانفتاح على العالم، وسمع أن الأبقار الهولندية تدر الحليب على أنغام موسيقى باخ وأمثاله، فاكترى مسجل (كف) وقام بتشغيل شريط موسيقى، لعل الثور يتحرك للحراثة.
أحضر عباس ملح البارود، ووضعه في اذن الثور، وأشعله.... خرج الشرر اولا، ثم اللهب مع صوت:
-      (تشششششششششششششششششش)
 ورائحة شواء جلد وشعر.
نظرة عتاب نظرها الثور الى صديقه عباس، ربما على سبيل الكسل، ثم حرّك أذنيه ذات اليمين وذات اليسار
ثم ذات الشمال وذات اليمين
ثم ذات اليمين وذات الشمال
دون أن يتحرك من مكانه.
(من كتابي الجديد «البالون رقم10»)