الإثنين 29-04-2024
الوكيل الاخباري
 

حريص بن عامر !!



 
ابتكر عامر طهبوب شخصية دمثة وسيمة ودودة، هي شخصية حريص، على صفحات جريدة الدستور. وقد حولها إلى كتاب أنيق، احتفلنا مساء يوم أمس بإشهاره، بمعية دولة عبد الرؤوف الروابدة.اضافة اعلان

نحن في الواقع بأمسّ الحاجة إلى حريص، متزن، عفيف في القول، يسدي النصحَ الواجب، الذي لم تعد النخب تسديه.
حريص الذي نحتاجه، ليس السوداويَّ، ولا الدّعيَّ، ولا الوصيَّ. هو الشهم، الذي لا يمتطي مآسي الناس ولا يستغل حاجاتهم، وليس الذي يوزع صكوك الغفران وبراءات الوطنية، وهدفه تحقيق مجدٍ شخصي وشعبوية زائفة.
راقني «حريص» وأمتعني بكتاباته المغايرة المختلفة، المكرسة لشخصيات جميلة من بلادنا الجميلة.
ولمّا تظهّر وجهُ حريص، فإذا به عامر طهبوب نفسه، بكل عجلته وحميميته وغواياته وطيبته.

وقد حصلت معي دهشة جميلة، حين اكتشفت أن فارس فارس، الشخصية التي أحببتها، الكاتب في ملحق الأنوار الثقافي في أواخر الستينات، هو نفسه الكاتب الذي أحب، غسان كنفاني.
يرسم لنا «حريص» لوحةً واقعية، تحمل أدق التفاصيل، لوحة مشغولة بإتقانٍ، تحمل اضاءات وقيما، وتحقق إنصافا لشخصيات من طينتنا، هي في تكوينها ورحابتها، شخصيات روائية مكتملة، كخليل الكركي وإبراهيم السعافين وعلي محافظة.
يقدم لنا هذا الحريصُ، الفنانُ في اختيار التفاصيل وسبكها، حكايات التاريخ الاجتماعي لبلادنا، الذي يعيد بعثه، بحيوية، تماثل سرعة عامر وسخاءه.
صديقنا «حريص» معني بسِيَر الناس الذين بنوا وجنوا الذكر الطيب، ينصفهم ويشكل لهم ولنا، حافزا ودافعا لمزيد من العطاء والأمل.

حريص ليس شخصية افتراضية، إنه فنان مبدع ورسام رشيق، يقدم لنا رسوما تجلو ما نحب أن نعرفه عن رجالات الزمن العربي الجميل وسيداته.
يُشرِّق حريصٌ ويُغرّب، ونقطةُ ارتكازه «الشريعة» دائما، اخدودُ الوصل، لا صدع الفصل بين ضفتي النهر المقدس، مستمدا مادته، مما عاشه ولمسه، لا مما تخيله واصطنعه.
إنها رحلة الفلسطيني المترعة بالدم والعذاب والاقتلاع، ورحلة الأردني المكافح من اجل البقاء، المنافح عن حقوق شقيقه الفلسطيني.
يقدم لنا «حريص» في هذا الكتاب، لوحات وجداريات وايقونات ومجسمات ومنحوتات، ستحبونها.
وسنجد أن عامر طهبوب وتابعَه حريص، على نسق فيه الاختلاف والتنوع، الذي يشد القارئ الوازن ويليق بذائقته الناضجة، ويروي ظمأه إلى القص الجذاب، ذي الإيقاع المعاصر.