الخميس 28-03-2024
الوكيل الاخباري
 

خمسونُكَ أيّها الكاملُ الناقصُ



خمسونك اكتملت أيّها الكاملُ الناقصُ.. الله الله..! قبل خمسين بالتمام والكمال ومن أمام « مَصرَفٍ» في « براكية زينكو» في « مخيّم البقعة» حين «مزطتكَ أُمُّكَ» إلى هذه اللحظة في الكتابة إليّ و إليكم؛ وأنتَ الممزوط.. وما بين « المَصرَف والآن» تاريخٌ ونطنطاتٌ ومعاركُ ونساءٌ وهزائمُ وشدٌّ ورخاءٌ ووقوفٌ وسقوطٌ وانتصاراتٌ خاطفة..!اضافة اعلان


خمسون الولد الذي تلعثّم أول مرّة وهو يقف خلف مايكرفون الإذاعة المدرسية في مدرسة الكرامة الإعداية (الوكالة) .. وصار مثارًا للتعليقات فلم تكن تلك اللعثمة إلّا آخر لعثمة للنطق الصحيح وعدم الالتفات لما يقولهُ الفارشون دروبك بالوحل والزفت والماء !

ها هو «بوطك/بوتك البلاستيكي الأبيض» يخرج الآن من بين عشرات «الأبواط» التي أهريتها في شوارع الوطن..! في عزّ الشوب في نار الأغوار التي تشوي الحجرَ قبل البشر..!

خمسونكَ تذكرُ الشارع الطويل من المزارع إلى المدرسة كلّ يوم والعودة؛ مشيًا وشوكًا وزرافاتٍ من أحلامٍ طفوليّة لم يتحقق منها شيء.. وتذكر كيف انتصبَ الشِّعرُ أمامك وكيف بدأتْ ثورةٌ في داخلك على كلّ شيء كي تكون نسيج وحدك أيها الكاملُ الناقص..! قرّرتَ ومضيتَ؛ وأضنيتَ أهلَكَ الذين لم يعد لهم سيطرة عليك ولاحقوك من سجن لسجن.. ومن خوف ورعب صغيرين إلى خوف ورعب كبيرين..!

نصف قرنك اكتمل.. ها ها ها.. هل كان لك قرنٌ أصلًا ليكون لك نصفه.. ؟!

واصلتَ الصراحة والكلام الذي كان بإمكانك أن تُعدّيه وما فعلتَ.. حتى صرتَ خمسينيًّا بشعرٍ أشيب وبملحقات رجلٍ كلّما رأى امرأةً أو طفلًا يبكيان؛ يجلس معهما ويشاركهما وصلةَ البكاء دون أن يعرف الأسباب..!

خمسونك احتلّتكَ وأقامت عليك انتدابها بلا مندوبٍ سامٍ تتفاوض معه..! هذه خمسون؛ لو أعطوها لسلحفاةٍ لوصلت وأقامت عزّها أنهارًا وينابيعَ.. لكنها في عرف أبناء الشقاء و الحرمان و العرق النازف لا تساوي شيئًا فأنت بحاجةٍ إلى عشرين خمسين كي تبني قواعد حلم واحد مكتمل الأركان..!

خمسون أيها الكاملُ الناقصُ.. لم تتحرّر فلسطين.. لم يتغيّر تبغُكَ الرديءُ.. لم يزد لسانُكَ إلّا طولًا... لم تظفر إلّا بحبّ الناس الذي يختفي عند الزنقات ولا يتحوّل إلى حلول..!

خمسون هي كواكبُ و صواريخُ و قراطيسُ وأقلامٌ وبهادلُ وألاعيبُ منّي ومن الحياة؛ خمسون لو كتبتُ عن حكاية كلّ شعرةٍ بيضاء في رأسي لضمنتُ مليون سنةٍ من المعارك العلنيّة..!

خمسون.. لا جردة حساب وتبقى الفواتير التي إن لم تدفعها فستبقى بين فكّي الغائلة التي لا تعرف متى تنشب أظفارها المسنونة في كل أنحائك..؟!

خمسونك أيها الكاملُ الناقصُ.. بعتَ فيها أكثر ممّا اشتريتَ.. لكنّكَ لم تبع جلدك ولا أبناء جلدك وما زلتَ تحلم أن تشتري «البسكليت البلّون الأحمر» وأن تشتري معه بعضَ الاستقرار لما تبقّى..!

خمسون اكتملت ولن تكتمل الثانية.. فأنت لن تكون قرنًا أيها الصعلوكُ الكاملُ..!