الثلاثاء 23-04-2024
الوكيل الاخباري
 

غياب «النواب» في زمن كورونا



على الرغم من استمرار العمل بقانون الدفاع والأوامر الخطية الصادرة بمقتضاه، إلا أن الحياة قد بدأت بالعودة إلى طبيعتها إلى حد كبير، كما تغيرت الأولويات الوطنية من محاربة وباء كورونا، إلى وضع الخطط والبرامج الكفيلة للتعافي من تبعاته الجسيمة على الاقتصاد الوطني.اضافة اعلان


وفي ظل هذا الانفتاح الذي شهدته مؤسسات الدولة ودوائرها الحكومية، لا تزال السلطة التشريعية غائبة تماما عن المشهد السياسي، فقد صدرت الإرادة الملكية السامية بفض الدورة العادية الرابعة لمجلس الأمة في بداية شهر أيار الماضي. إلا أن الغياب الفعلي لمجلس النواب قد بدأ قبل ذلك بشهرين، حيث توقفت جلساته بمجرد إعلان العمل بقانون الدفاع في شهر آذار الماضي ولم يتمكن من الاجتماع منذ ذلك التاريخ بحجة القيود التي فرضتها أوامر الدفاع على حرية الانتقال والتجمع. أما اليوم، وبعد تخفيف هذه الضوابط وإصدار أمر الدفاع الذي يدعو المواطنين إلى العودة للحياة الطبيعية مع اتباع أقصى درجات الحيطة والحذر والتباعد الاجتماعي، فإن المجلس المنتخب ما زال غائبا تماما عن المشهد السياسي. فالنقاش والجدل الدستوري الحالي حول موعد الانتخابات النيابية القادمة لا يغير في حقيقة الأمر أن مجلس النواب ما زال قائما وموجودا، وأنه مسند له بموجب الدستور صلاحيات تشريعية ورقابية يتعين عليه أن يمارسها باسم الشعب ونيابة عنه.

إن حق جلالة الملك في فض الدورات العادية لمجلس الأمة يقابله حق مجلس النواب في طلب عقد دورات استثنائية، حيث تنص المادة (82/2) من الدستور على أن يدعو الملك مجلس الأمة للاجتماع في دورة استثنائية متى طلبت ذلك الأغلبية المطلقة لمجلس النواب بعريضة موقعة منهم تبين فيها الأمور التي يراد البحث فيها. فعلى الرغم من صراحة هذا الحق الدستوري، فإن مجلس النواب لم يبادر إلى طلب عقد دورة استثنائية رغم الحاجة الماسة له للرقابة على تنفيذ الحكومة لقانون الدفاع.

إن وجود حالة طوارئ لا يبرر على الإطلاق غياب الرقابة النيابية على السلطة التنفيذية، فقد صدر قرار عن المجلس العالي لتفسير الدستور رقم (2) لسنة 1991 رسم العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية أثناء العمل بقانون الدفاع، والذي اعتبر أن للسلطة التنفيذية الحق المطلق في إعلان نفاذ قانون الدفاع وإنهاء العمل به، دون تدخل من السلطة التشريعية، التي يثبت لها الحق الدستوري في الرقابة على تنفيذ السلطة التنفيذية لقانون الدفاع والأوامر الصادرة بمقتضاه. فأهمية هذا القرار التفسيري تكمن في أنه يوزع المهام والأعمال الدستورية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية أثناء فترة العمل بقانون الدفاع، السلطة التنفيذية تقوم بتنفيذ أحكام هذا القانون، والسلطة التشريعية تقوم بالرقابة السياسية عليها، دون أن يثير دفوع تتعلق بغياب المجلس النيابي بسبب القيود التي يفرضها قانون الدفاع.

ومع ذلك، فإن أي حجج تثار حول صعوبة اجتماع مجلس النواب بعدده الكلي لا يمكن أن تنسحب على لجانه النيابية التي لا يمكن تبرير غيابها الكامل عن المشهد السياسي الحالي.