الجمعة 19-04-2024
الوكيل الاخباري
 

مخدرات ومجاعات



في الإعلام؛ اكتشف المكتشفون أمرا مثيرا، فكلهم يتحدثون عن «قبضة حديدية» في جهود الأمن العام، ومديرية مكافحة المخدرات على وجه التحديد، لضرب التجار والمروجين ووكلاء السموم في الداخل، فهل كانت قبضة الأمن ناعمة قبل هذا؟.. لماذا تغيب الحقيقة الدامغة وننحو للحديث المناسباتي الذي يقلل من أهمية الجهود والتضحيات المستمرة التي يقدمها أبناء هذا الوطن بلا توقف؟ .. قبضة الأمن لم تكن يوما متراخية، وهي بالمرصاد لكل مجرم وخارج عن القانون.اضافة اعلان


ليس سرا ان حروب المخدرات أكثر خطورة وفتكا بالدول والمجتمعات من الحروب العسكرية، وثمة حرب قريبة منا، ونعيش واحدة من جبهاتها يوميا، وتبذل قوى الأمن ودروع الوطن كل ما يمكنها لمواجهتها، وتأتي حملات الأمن العام المعلنة، تأكيدا على وقوف الأردن بشجاعة، ضد العدو الخفي الذي يشن علينا هذه الحرب القذرة.. لكن الإثارة وطلابها يتسابقون إلى الضوء البارد بنشر الأخبار والسيناريوهات الخيالية، على حساب الحقائق التي يشعر معها المتابع بأن الأمن يعيش حالة صحوة، بينما هو في الحقيقة عين ساهرة لا تنام على الإطلاق، وتقوم بواجبها وتقدم أروع أمثلة الوفاء للوطن والناس والقيادة الصامدة.

ما ينقصنا هو ترويج الثقافة بخطر المخدرات وأساليب ترويجها، وعمق المأساة التي يتعرض لها من يسقط في براثن مجرميها.

ثمة صناعة تزدهر في مناطق الصراعات والنزاعات الدولية (كمنطقتنا العربية)، وفي كل المناطق التي تفقد الأمن والنظام، وقد تطورت هذه الصناعات لتقدم منتجات كثيرة لسوق المخدرات حول العالم، ولم تتوقف حكومات كل الدول عن مجابهة ومطاردة عصابات المخدرات، وهم فئة من تجار مجرمين، يقدمون خدماتهم للأطراف المتصارعة، وهم فعلا من يملأ اي فراغ يخلو من الأمن والسلطة والقانون والوعي والاستقرار، ويدشنوا معاملهم ويشرعوا ببيع السم وترويجه.

ثمة أنواع خطيرة من المخدرات تغزو مجتمعنا، وتتكاثر بشكل ملحوظ القضايا والضبوطات المتعلقة بها، وتظهر آثارها على شبابنا، وتتزايد وضوحا، وهذه الأنواع وبالنظر إلى نتائج تعاطيها، فهي أسلحة فتاكة بكل ما للكلمة من معنى، وجرعة واحدة منها تسبب إدمانا وتدخل متعاطيها في عالم آخر من الشر والمرض والجريمة والانقياد الأعمى، وبالكاد تجد ولي أمر يعلم عنها وعن خطرها بل لا يعرف اسمها ولا شكلها.. وهذا ما يجب أن يعرفه الناس، ليأمنوا من شر هذا الخطر، فكمية قليلة منه، هي بمثابة مفتاح للعالم السفلي ودهاليزه، التي بالكاد يعود طبيعيا من سار فيه خطوة واحدة بعلم او بغيره.

ليس فقط فقدان النظام والأمن متطلبات رواج المخدرات وجرائمها، بل للجوع دور شيطاني، وأمام المجاعات التي تسعى قوى سياسية عالمية لصناعتها حول العالم، بافتعال الحروب وقلة انتاج الغذاء وارتفاع أسعاره ..الخ، كلها مقدمات لصناعة مجاعات ستضرب الدول المستهلكة، التي ستكون عندئذ بيئة مناسبة ثم خطرة لنمو وازدهار كبيرين في صناعة وترويج المخدرات..

وهذا يعني أن يد الأمن مهما كانت شدتها، فلن تصفق وحيدة، إلا إن تضافرت كل الجهود لدعمها وتسهيل مهمتها لتطهير البلاد من كل عدو مستتر او ظاهر أو متنكر .