الإثنين 29-04-2024
الوكيل الاخباري
 

معلومات تكشف لأول مرة كيف تم خداع جيش الاحتلال بعملية طوفان الاقصى

11


الوكيل الإخباري- "أكبر عملية خداع إستراتيجي للجيش الإسرائيلي".. و"فشل استخباراتي إسرائيلي".. ربما هما أكثر وصفين وُصفت بهما عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- فجر السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

اضافة اعلان

 

فعلى مدى نحو 8 عقود منذ إعلان قيام "دولة الاحتلال الاسرائيلية "، لا يوجد شبيه لـ"طوفان الأقصى" اللهم إلا انتصار "السادس من أكتوبر 1973″، مع الفارق الكبير في التشبيه، وإن جمعت المفارقة بين الذكرى الـ50 لهذا النصر المصري وانطلاق "الطوفان الفلسطيني".

كيف خدعت حماس جيش الاحتلال ومخابراته بعملية طوفان الأقصى ؟

 

على مدى عامين، نفذت حركة حماس وجناحها العسكري حملة خداع إستراتيجي دقيقة، الأمر الذي مكّن قوة تستخدم الجرافات والطائرات الشراعية والدراجات النارية من التغلب على جيش يُوصف بأنه "أقوى جيش في الشرق الأوسط"، و"الجيش الذي لا يُقهر".


وشملت عملية الخداع إبقاء خطط حماس العسكرية طي الكتمان وإقناع إسرائيل بأن الحركة لا تريد القتال. وتنقل وكالة رويترز عن مصدر مقرب من حماس قوله إنه "بينما كانت إسرائيل تعتقد أنها احتوت حماس التي أنهكتها الحرب من خلال توفير حوافز اقتصادية للعمال في غزة، كان مقاتلو الجماعة يتم تدريبهم، وغالبا على مرأى من الجميع".


وأضاف المصدر أن "حماس استخدمت تكتيكا استخباراتيا غير مسبوق لتضليل إسرائيل خلال الأشهر الماضية، من خلال إعطاء انطباع عام بأنها غير مستعدة للدخول في قتال أو مواجهة مع إسرائيل أثناء التحضير لهذه العملية الضخمة".


وكشف المصدر المقرب من حماس أنه في أحد العناصر الأكثر لفتا للانتباه في استعداداتها، قامت حماس ببناء مستوطنة إسرائيلية وهمية في غزة حيث تدربت على الإنزال العسكري وتدربت على اقتحامها.


ويشير المصدر إلى أنه من المؤكد أن إسرائيل رأتهم، لكنهم كانوا مقتنعين بأن حماس لم تكن حريصة على الدخول في مواجهة، بعد أن أقنعت إسرائيل بأنها مهتمة أكثر بضمان حصول العمال في غزة على فرص عمل عبر الحدود، وليس لديهم مصلحة في بدء حرب جديدة.

في المقابل، يعترف مصدر أمني إسرائيلي بأن حماس خدعت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، وقال "لقد جعلونا نعتقد أنهم يريدون المال، وطوال الوقت كانوا يشاركون في التدريبات"، حسب ما نقلت وكالة رويترز.

 

وكجزء من حيلتها في العامين الماضيين، امتنعت حماس عن القيام بعمليات عسكرية ضد إسرائيل، حتى تلك المواجهات التي وقعت بين الاحتلال وحركة الجهاد الإسلامي خلال تلك الفترة، وهو أمر عرّض حماس لانتقادات عديدة.

ولطالما تفاخرت إسرائيل بقدرتها على اختراق حركات المقاومة ومراقبتها، لكن -فيما يبدو- فإن جزءا حاسما من خطة حماس كان تجنب التسريبات.


وتنقل رويترز عن المصدر أن "العديد من قادة حماس لم يكونوا على علم بالخطط". وأثناء التدريب، "لم يكن لدى مئات المقاتلين المنتشرين في الهجوم أي فكرة عن الغرض الدقيق من التدريبات".

 

لا تكنولوجيا على الإطلاق
جانب آخر حرصت عليه حماس بشدة في تخطيطها للعملية، وهو الابتعاد عن التكنولوجيا ووسائل الاتصالات التي تخضع "حتما" لمراقبة أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية.

وهنا يشير الجنرال الإسرائيلي المتقاعد امير أفيفي ،  إلى أن من وصفهم بـ"الإرهابيين في غزة" وجدوا طرقا للتهرب من جمع المعلومات الاستخبارية التكنولوجية، مما أعطى إسرائيل صورة غير كاملة عن نياتهم.

 

وقال أفيفي -الذي عمل سابقا في الاستخبارات- "لقد تعلم الجانب الآخر كيفية التعامل مع هيمنتنا التكنولوجية وتوقفوا عن استخدام التكنولوجيا التي يمكن أن تكشفها".


وأضاف "لقد عادوا إلى العصر الحجري.. لم يكونوا يستخدمون الهواتف أو أجهزة الكمبيوتر، وكانوا يقومون بأعمالهم الحساسة في غرف محمية خصيصا من التجسس التكنولوجي أو يختبئون تحت الأرض".


ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا أشار إلى أن المخابرات الإسرائيلية تفاجأت بهجوم السبت، كون "عناصر حماس تجنبوا مناقشة خططهم المسبقة عبر الهواتف المحمولة، أو وسائل الاتصال الأخرى التي يمكن اعتراضها".

 

أربع خطوات

 وعندما جاء اليوم الموعود، تم تقسيم العملية إلى 4 أجزاء:


تمثلت الخطوة الأولى في إطلاق وابل من آلاف الصواريخ من غزة تزامنت مع توغلات قام بها مقاتلون طاروا بطائرات شراعية عبر الحدود.


وبمجرد وصول المقاتلين على الطائرات الشراعية إلى الجانب الآخر، قاموا بتأمين الأرض حتى تتمكن وحدة كوماندوز من النخبة من اقتحام الجدار الإلكتروني والإسمنتي المحصن الذي يفصل غزة عن المستوطنات والذي بنته إسرائيل لمنع التسلل.


وحسب المصدر، فقد استخدم المقاتلون المتفجرات لاختراق الحواجز ثم عبروها مسرعين على دراجات نارية، فيما وسعت الجرافات الفجوات ودخل المزيد من المقاتلين بسيارات رباعية الدفع.

 

وقال المصدر إن وحدة كوماندوز هاجمت مقر قيادة الجيش الإسرائيلي في جنوب غزة وشوشت على اتصالاته ومنعت الأفراد من الاتصال بالقادة أو ببعضهم البعض.
وأوضح أن الجزء الأخير شمل نقل الأسرى إلى غزة، وهو ما تم تحقيقه في الغالب في وقت مبكر من الهجوم.

وهنا يقول المتحدث باسم "قوات الدفاع الإسرائيلية" الرائد نير دينار "هذا هو 11 سبتمبر/أيلول.. لقد تمكنوا منا.. لقد فاجؤونا وجاؤوا بسرعة من عدة مواقع، سواء من الجو أو الأرض أو البحر".


المباغتة في وجه الغطرسة
وكما وقعت حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 يوم السبت -وهو يوم إجازة رسمية لدى إسرائيل- فقد اختارت القسام أيضا لمعركتها اليوم ذاته، الذي صادف آخر أيام ما يُسمى "عيد العُرش"، لشن هذه العملية المباغتة.

وإذا كانت المقاومة الفلسطينية قد عملت كثيرا على عنصر المفاجأة، فإن "الغطرسة" الإسرائيلية قد بلغت مداها، حتى إنها لم تلتفت إلى تحذيرات المخابرات المصرية المتكررة بشأن "شيء كبير سيحدث".


وتنقل وكالة أسوشيتد برس عن مسؤول مخابرات مصري قوله "لقد قللوا من شأن هذه التحذيرات"، مشيرا إلى أن إسرائيل ركزت على الضفة الغربية بدلا من غزة.

وللمفارقة، فقد توقع المحلل السياسي فايز أبو شمالة ما حدث في "طوفان الأقصى" من مواجهة شاملة واقتحام للحدود والاستيلاء على مستوطنات ومواقع عسكرية قبل أكثر من 5 سنوات، لكن أحدا من الإسرائيليين لم ينتبه في ظل سيطرة غرور القوة.


وأيا كانت الأسباب، فإن قصة الخداع الإستراتيجي التي نفذتها حماس ببراعة، وشهد لها العدو قبل الصديق، ستظل علامة فارقة في تاريخ هذا الصراع، وستُحكى من كلا الطرفين، بل وستُدرّس، كما قال أحد المتحدثين باسم الاحتلال.

 

الجزيرة