لم تكن المسيحية في عالمنا العربي نقطة ضعف او مصدر قلق على سلامة الدولة والمجتمع، لكن المسيحية او الدين بشكل عام يتحول الى مكمن قلق في الدول والمجتمعات التي تفقد استقرارها وتضعف مناعتها او يسيطر على سلطتها او عقلها احادي النظرة اومتطرف التوجهات، وعندها لا يصبح الدين وحده مصدر المشكلات بل كل الانتماءات الاجتماعية من عشيرة او عائلة او جغرافيا وحتى الانتماء الى رابطة مشجعي ناد رياضي، وهذا لا يعود للدين بل للمتعاملين معه.
في سنوات الربيع وكل سنوات القلق وتفكك الدول قبل الربيع كانت الطائفيه من اعراض ضعف الوعي وزيادة منسوب القلق، وكان حلفاء الشيطان -ايا كانت خنادقهم- يقتلون ويفجرون ويفتحون ابواب الفتن، والغاية زيادة القلق وتعميق الضعف، والى جانب هذا صناعة مسافة بين المسيحي العربي ووطنه ومجتمعه، ودفعه لغربة عن المكان والمحيط تستدرجه الى الهجرة او التقوقع على الذات او ان يهيمن عليه فكر «الجيتو» الذي يعني احيانا محاولة صناعة الامان الذاتي، ويعني العزلة الوطنية والاجتماعيه.
خلال السنوات الاخيرة كانت تفاصيل الازمات في العراق ومصر وسوريا فشهدنا محطات استهداف للمكون المسيحي العربي وكأنه نقيض لهوية المجتمع وثقافته، ومن فعل هذا كان يقصد استئصال كل ما يمكن ان يحفظ للمسيحية العربية جذورها في الجغرافيا ومكانا في المستقبل.
آخر الحكايات «معلولا» بلدة في سوريا نسمع جميعا اخبارها حتى قبل خطف الراهبات، ورغم ان الكثير من الجغرافيا السورية شهدت اقتتالا الا ان «معلولا» شاهد على محاولة استثمار اكثر من طرف المكون المسيحي العربي ليكون نقطة ضعف وقلق وهو عنصر قوة.
في بلادنا وكل البلاد الامنة والتي يقودها الوعي وتحكمها الحكمة والمواطنة وتؤمن بالدين الوسطي الحقيقي فان تنوع الدين داخل اطار المواطنة والشراكة داخل الدولة عامل قوة، كما ان الناس تدير علاقاتها بعقلية الوفاق والمنظومة التي لا تنتهي من القواسم المشتركة.
في مسار عالمنا العربي كان الاحتلال الصهيوني من اهم الاطراف التي عملت على صناعة واقع في فلسطين يجعل الهجرة والتهجير للمسيحيين حلا لمعاناتهم، والهدف تهويد القدس وفلسطين ومقدساتها.
وهناك دول كبرى ولاسباب اخرى حرصت على ترسيخ عقلية الهجرة الدائمة، وكانت تخدمها الفتن والتوترات الداخلية وصناعة الخوف، لكن التطرف لدى مدعي الدين من كل الاطراف خدم الاخر، والاخطر ان الشعور بالغربة والقلق حتى على امن الحياة الشخصية زاد، واصبح العربي في تلك الدول يخاف من مواطن اخر في بلده.
لاننا في الاردن نفكر بافق، فان العيش معا سلوك فطري نمارسه دون تكلف او افتعال، والهوية المشتركة يعمقها الجانب الحضاري في الاسلام والمسيحيه، وفي قرانا الاردنية نجد النموذج الذي فشلت في صناعته الحوارات والاتفاقات واحاديث النخب، وقداسة مريم العذراء جزء من عقيدة المسلم، وسماحة المسيح عليه السلام خلق كريم يسعى له المسلم والمسيحي على حد سواء.
كما هو التأمر والاحتلال فان التطرف وضيق الافق يصنع الطائفية والتباعد حتى بين اتباع الدين الواحد والعشيرة الواحدة، لهذا فالحرص على منظومة العقلانية والحكمة ووسطية الدين هو المطعوم الناجع لحماية الاوطان والمجتمعات من نقص المناعه الذي ان حدث ظهرت كل العيوب حتى بين الانسان ونفسه.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو