الجمعة 2024-12-13 06:25 ص
 

أفهام منحرفة للعمل السياسي

07:26 ص

الفهم المنحرف للعمل السياسي له تجليات خطيرة وآثار وخيمة على المجتمع، ويلحق ضرراً عظيماً بالعمل العام على الجملة، ويؤدي إلى السير بالأمة إلى الخلف، ويدفعها نحو التقهقر ومواقع التخلف والانحدار، ويظهر ذلك بوضوح من خلال الأقوال والأفعال التي تصدر عن بعض أو كثير من المشتغلين في هذا المجال.

اضافة اعلان


هناك من يعتقد أن السياسة عبارة عن فن خداع الجماهير وامتلاك القدرة على التلاعب بعواطف العامة من خلال البحث عما يرضي عامة الناس، وهو ما يتم التعبير عنه أحياناً (بالشعوبية) ويظهر ذلك في الخطاب السياسي والإعلامي، وأختيار الأنشطة وأماكن الظهور ولغة الحوار وانتقاء الألفاظ والمصطلحات والعبارات التي تخدم هذا اللون من العمل، ولذلك نجد هذا الصنف يتقن لغة النقد الحاد، والجلد بمناسبة وغير مناسبة ويتقن لغة التشكي والتذمر والظهور بمظهر الضحية لكسب مزيد من التعاطف الجماهيري.


وهناك من يعتقد أن السياسة فن اقتناص الفرص والبحث عن المكاسب الفردية، وتحقيق أكبر قدر من المصالح له ولأقربائه، ولذلك نجد هؤلاء يعتبرون المسؤولية فرصة للإثراء والغنى غير المشروع، ويرى أن الموقع الحكومي عبارة عن سلّم يسعفه في التسلق نحو القطوف العالية، ويجد فيه مناسبة للتقرب من أصحاب النفوذ، ولذلك نجده يتهالك على المناصب، ويجهد نفسه في تحصيل الألقاب مع أنه لا يملك أي قدر من الكفاءة التي تؤهله إلى ذلك.


وهناك صنف من الناس لا يرى في السياسة إلّا اشباعاً لنهم حب الظهور والبقاء تحت الأضواء، والحصول على النجومية من خلال الألعاب البهلوانية، واتقان اللعب على حبال السيرك، وعندما يسقط عن حلبة المسرح وتبتعد عنه الأضواء يصاب بإحباط شديد وتغزوه الأمراض النفسية والتآكل الداخلي وأحياناً يصل إلى مرحلة الجنون وفقدان العقل.


هذه الأفهام وأفهام أخرى مشابهة أدت إلى تشويه معنى السياسة، وتشويه العمل السياسي وإضعاف العمل الحزبي، وأدى إلى ارتكاس شديد في منظومة العمل العام بكل مستوياته ومجالاته، لأنهم لا يدرون أن السياسة فن البناء، وحسن التقدير والبحث عن الحكمة، من خلال امتلاك القدرة على معرفة الحق والاقتراب من صواب العمل وسداد الرأي، ومعرفة أقدار الناس، ومن هنا نفهم قول ابن عقيل الحنبلي رحمه الله في تعريف السياسة: (كل ما كان الناس معه أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد)، ونفهم قول الغزالي حجة الإسلام: (السياسة أشرف علوم الدين).


أقول هذا لمن أصابه الحنق وفقد عقله من بعض المنتسبين للعمل السياسي الإسلامي عندما سمع بنجاح مهرجان الكرك بعنوان: (الكرامة بوابة الأقصى) الذي كان استمراراً لمهرجانات سابقة بعناوين مشابهة، وأصبح يهذي ويصف الذهاب إلى هذا اللون من النشاطات عبارة عن سرقة لعمل يجب أن يبقى حكراً على مجموعته، ولا ينظر للنشاط من باب وطني أو من باب خدمة المرابطين في الأقصى، لأن النجاح في هذا المجال إذا لم يكن عن طريقه فلا عاد الأقصى ولا عادت فلسطين.


وبهذه المناسبة يجب أن يعلم هؤلاء أن المشروع الوطني الأردني يرى أن قوة الأردن واستقراره وازدهاره طريق صحيح لدعم الأشقاء الفلسطينيين والأشقاء العرب، والنشاط ليس بحثاً عن شهرة ولا عن جماهير.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة