التهديدات بالاستقالة من مجلس النواب أو مقاطعة جلساته كلما ظهر شأن خلافي، مثل الغاز الإسرائيلي أو المشاركة في التحالف الدولي ضد 'داعش' أو رفع أسعار الكهرباء، ليست سياسة ولا أسلوبا.
ففي كل مرة يمكن أن يظهر شأن خلافي. وإذا استخدمنا سلاح التهديد بالاستقالة ولم تتراجع الحكومة عن قرارها، فإنه يتوجب تنفيذ الاستقالة، وإلا فقد صاحب التهديد مصداقيته. والمجلس في العادة لا يصوت على قبول الاستقالة، فهل يقعد النائب في البيت؟ وإلى متى؟ وهو لو غاب طوال عمر المجلس ستستمر عضويته وراتبه، دستوريا ونظاميا، ولن يكون هناك أي إجراء بحقه. ثم ماذا لو ظهرت قضية خلافية جديدة يعتقد النائب أنها فاصلة، على غرار القضية التي استقال من أجلها؟!
هذا سلاح يمكن استخدامه ليس لخلاف سياسي أو اقتصادي بشأن قرارات الحكومة، بل كموقف دستوري مؤسسي من النيابة نفسها، أي اعتراضا على الوضع الدستوري للمؤسسة. وهو يفترض عدم قبول الترشح للانتخابات بدون إصلاح دستوري يعيد موضعة المؤسسة التمثيلية بصيغة مختلفة مقبولة. لكن نحن نفترض في النائب عندما قبل الترشح وشارك في الانتخابات، أنه يعرف واقع الحال ويقبل به، أو على الأقل يقبل مبدأ المشاركة من أجل التغيير من الداخل. وهو ما كنّا ندعو إليه الحركة الإسلامية مثلا، التي قاطعت الانتخابات النيابية لسبب وجيه، هو اشتراط إصلاح دستوري وقانون جديد للانتخاب؛ إذ كنا نرى أن الأفضل هو المشاركة والنضال من الداخل من أجل التغيير، حرصا على استقرار نظامنا السياسي وأمننا الوطني، وعملا بمبدأ 'ما لا يدرك كله لا يترك جلّه'.
والحقيقة أنني وزملاء لي استخدمنا سلاح الانسحاب من الجلسات، أو مقاطعة بعضها، في البرلمان السادس عشر، لكن لسبب تنظيمي يخص إدارة الجلسة نفسها؛ مثل عدم تمكيننا من إبداء الرأي، أو تمرير تصويت يحمل شبهة في احتساب الأصوات والإصرار على تجاهل الاعتراضات عليه. أي هي مسائل نظامية تتصل بتأمين حق النائب المكفول بالدستور والنظام الداخلي، في التعبير عن رأيه، وشفافية التصويتات التي تبين إرادة المجلس.
ليس هناك ما يحول بين أي عدد من النواب وبين العمل على تحشيد أغلبية لموقفهم في أي شأن، كما هي حال اتفاقية الغاز التي صوت المجلس بأغلبيته ضدها. ويمكن الذهاب إلى السلاح الدستوري الأخير، وهو نزع الثقة بالحكومة. وهذا السلاح يمكن استخدامه أيضا بالنسبة لرفع أسعار الكهرباء. وإذا لم يثق النواب بإمكانية حشد أغلبية لذلك، فلا معنى لتهديد الحكومة بالاستقالة من المجلس. ويكفي أن يفكر بعض الزملاء بالوضع معكوسا؛ كأن يكونوا أغلبية في شأن ما، وتواجههم الأقلية بالتهديد بالاستقالة من المجلس.
موضوع المعركة في الحقيقة هو الرأي العام. وبالنسبة لأسعار الكهرباء، فإن المعركة شعبوية بامتياز، وموقف الحكومة صعب. وأنا ليس لدي موقف مسبق؛ فهناك اتفاق تحت مظلة مجلس النواب، تحقق بعد أسابيع من المقايضات المريرة، تلتزم بموجبه الحكومة بعدم الرفع على المواطنين في البيوت (استهلاك تحت 600 كيلو واط)، ووضع نسب رفع للشرائح الأعلى والمؤسسات. لكن الاتفاق حصل حين كانت أسعار النفط بـ'العلالي'، والصناعيون يجأرون بالشكوى الآن من أثر الرفع الجديد. والجميع يتساءل: ما هو الموقف الآن بالضبط؟! ما هي الكلفة الفعلية للكهرباء؟! وما هو الفارق بين الكلفة وسعر البيع لكل شريحة؟ وما هو أثر الأسعار على كل قطاع؟
ليس للحكومة وسيلة للرد على الشعبوية، إلا بالشفافية التامّة، وتقديم الحقائق صافية للناس.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو