الخميس 2024-12-12 09:42 م
 

تهدید صفقة القرن وجودي للأردن

07:43 ص


لست بشكل عام من المؤیدین لنظریة المؤامراة، لیس لعدم وجودھا في عالم السیاسة، ولكن لأن كل شيء بالنسبة لنا في العالم العربي بات مؤامرة خارجیة ضدنا، ولذلك بت حذرا حین أحاول تفسیر اي موضوع من قبل ھذه الزاویة.

اضافة اعلان


صفقة القرن تشكل استثناء بالنسبة لي. فھي لم تعد نظریة، بل واقعا تترجمھ كل السیاسات الامیركیة منذ قدوم ترامب للسلطة، وھي لیست في حاجة لإعلان، فقد بدأ تنفیذھا منذ اعلان الادارة الامیركیة نقل سفارتھا للقدس ووقف دعمھا المالي للأونروا.


لیس ھناك شك ان الصفقة تھدید مباشر للقضیة الفلسطینیة وللفلسطینیین، فھي تحاول الاستیلاء على القدس وغور الأردن والأراضي التي أنشئت علیھا المستوطنات، مع رفض الاعتراف بحق العودة، ورفض الاعتراف بدولة فلسطینیة الا اذا كان المقصود إقامة ھذه الدولة في غزة فقط. اما الاراضي المتبقیة من الضفة الغربیة والمتمثلة بكانتونات متفرقة وغیر متصلة، فالخشیة ان تحاول الولایات المتحدة إقناع الأردن بنوع من الحكم الاداري او السیاسي علیھا، وبذلك یتم القضاء على الحق الفلسطیني في إقامة دولتھ على ترابھ الوطني بما في ذلك القدس.


فلسطینیا، لا افھم ابقاء الانقسام الفلسطیني الحالي بین فتح وحماس بغض النظر عن الأسباب، فیبتلع الحق والارض بینما یتصارع الجانبان على النفوذ، فأي حكمة سیاسیة ھذه؟


ان الوضع الحالي یستوجب على الجانبین الاتفاق الفوري، حتى ان تحققت الدولة الفلسطینیة فإنھما یستطیعان الاختلاف ما شاءا. اما الانقسام الحالي فلیس اقل من وصفھ بالانتحار السیاسي.


أردنیا، فإن صفقة القرن لیست اقل من تھدید وجودي حقیقي یھدف الى تصفیة القضیة الفلسطینیة وان على حساب الأردن.


اعتقد ان الأردن بات واعیا تماما لھذه الحقیقة وترجمتھا المباشرة، وھي ان حل الدولتین یتم قتلھ رسمیا الیوم من الادارة الامیركیة اضافة لاسرائیل بالطبع. ولیس من شك عندي ان الزیارة الاخیرة لجلالة الملك للولایات المتحدة ھي لتحذیر كافة دوائر صنع القرار الامیركي من مغبة الاستمرار في مثل ھكذا مشروع وتھدیده المباشر للأردن  كما للفلسطینیین. وھو تحرك لجلالة الملك ینبغي ان نقف جمیعا وراءه. وبالنسبة لھذا الموضوع، یبدو ان ھناك توافقا أردنیا مصریا حول رفض الصفقة، لأن مصر لیست معنیة ھي الأخرى بصفقة قد تحاول الولایات المتحدة إقناعھا بنوع من السیطرة الاداریة او السیاسیة على غزة كبدیل عن دولة فلسطینیة في غزة.


كما ان الأردن بدأ بتقارب جدید مع العراق بعد علاقة فاترة دامت لسنین بعد الغزو الامیركي، وعلاقة متجددة مع تونس التي زارھا جلالة الملك مؤخرا، والتي تمر بتجربة سیاسیة یستطیع الأردن الاستفادة من الكثیر من جوانبھا. ندخل الیوم في مرحلة جدیدة تعید النظر في التحالفات القدیمة وتفتح الباب امام تفاھمات جدیدة.

فالأردن وبغض النظر عن علاقتھ الوثیقة مع الولایات المتحدة لن یقبل بالسیر في مشاریع تھدد وجوده، مھما كانت الاغراءات الاقتصادیة، كما ان علاقاتھ الخلیجیة في حالة مراجعة، تقترب من كل من الكویت والعراق وتبتعد نوعا عن السعودیة.
اما اسرائیل، فلم تبق ھناك حجة لاي نوع من التقارب معھا، فھي تعمل مباشرة ضد الأردن وجودیا. ھناك حاجة لمقاربة جدیدة معھا بقدر حاجة الفلسطینیین لمقاربة جدیدة بین بعضھم البعض.


في النھایة لن تمر صفقة القرن، فلا القیادتان ولا الشعبان الفلسطیني والأردني یقبلان بھا، والمطلوب دعم الفلسطینیین على ارضھم لفترة طویلة تمتد بعد ان یغادر ترامب موقعھ بعد سنة او خمس سنوات، وبعد ان یغادر نتنیاھو موقعھ في غضون اقل من عام.


بقاء الفلسطینیین على ارضھم كفیل بحل المشكلة على المدى البعید.

 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة