السبت 2024-12-14 03:38 م
 

كوليرا سياسية

07:39 ص

يمر الخبر، مرورا سريعا، فلا قيمة له، امام الالاف الذين يموتون يوميا، او شهريا، بالقصف، في سوريا او ليبيا او أي موقع اخر، والخبر يتحدث عن وفاة المئات واصابة الالاف بالكوليرا في اليمن، والوباء يتمدد، يوما بعد يوم.
ما هذا القدر العربي الغريب، فإن لم يمت العربي، بالقصف، مات برصاص الاحتلال، او بوباء على الطريقة اليمنية؟.

اضافة اعلان


أساس هذا الوباء في اليمن سياسي، لان هذه النتيجة لم تأت من فراغ، فاليمن الذي تم افقاره على يد علي عبدالله صالح، الذي قبض مليارات الدولارات من المساعدات، حين كان رئيسا، وترك بلاده كما هي، دون حياة او تنمية، مكتفيا بخطيئة «الوحدة القهرية» مع اليمن الجنوبي، باعتبارها منجزه الوحيد، تشارك في المحصلة، مع اطراف أخرى، في انهيار اليمن، الذي بات ملعبا لإيران وللحوثيين وللقاعدة، مشردا وجماعته، ملايين اليمنيين في بلادهم، من اجل السلطة، وما ادراك مالسلطة، هاهنا؟!.


التورط بتفسيرات حول سبب الكوليرا في اليمن، ليس كافيا، لان كل طرف يريد ان يقول ان الطرف الاخر، هو المتسبب بانهيار الخدمات الصحية، وتفشي هذه الامراض، لكن لا احد يريد ان يعترف ان اليمن قبل ربيعها الدموي وما تلاه، وفي عهد ذات الرئيس كان يعاني من فقر شديد، وصراعات كامنة، وسرقة جهارا نهارا، فهي بالمحصلة، كوليرا ابنة البارحة، وليست وليدة الصراع الحالي وحسب.


كنا في العالم العربي نرى بعض الأنظمة، اكثر عدلا حتى في السرقة، فالنظام يسرق قليلا، ويطعم شعبه قليلا، لكننا في النموذج اليمني، سكتنا امام عهد الرئيس السابق، وهو في عز قوته، حين كان يكدس المليارات، له وحيدا، ولا يطعم شعبه ابدا.


بنية اليمن، كانت آيلة للسقوط.هشة. ضعيفة. غير قابلة لمقاومة كل هذه الجماعات التي نراها، إرهاب ومذاهب، عرب واقاليم، وهو هنا، يكاد يكون الحالة الأكثر فرادة عربيا، فقد كان مصابا بالكوليرا السياسية، مسبقا، وكنا نغمض اعيننا عنها، ولم نستيقظ الا اليوم، على فاجعة الكوليرا العادية، وبين الاثنتين قواسم مشتركة، الضعف، عدم القدرة على المقاومة، عدم وجود حصانة، عدم وجود علاج، التفشي والتمدد، كما الإرهاب او فتح البوابات لتدخل الإقليم والعالم، وكما هي ذات خصائص الكوليرا التي لا توقفها حدود.


في قراءة أخرى لقصة الكوليرا تتردد معلومات، حول ان الانقلابيين ومن والاهم في اليمن الشمالي، يريدون اثارة ذعر بقية الفرقاء، بالكلام عن وباء يتمدد ويصل الى اليمن الجنوبي، والى دول عربية مجاورة، وهكذا اذا صدق هذا الرأي تصير قصة الكوليرا مجرد سلاح للاشاعات، والحرب النفسية، بدلا عن الحرب التي لم يتم حسمها.
في العالم، تسقط دول وأنظمة، لكن في العالم العربي، تسقط شعوب وأمم، وهذا هو الفرق الرئيسي بيننا وبين بقية خلق الله.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة