الجمعة 03-05-2024
الوكيل الاخباري
 

مختصون يجمعون على رفض التعرض والإساءة لمصابي "كورونا"

22


الوكيل الاخباري - أجمع مختصون وقانونيون على رفض التعرض للمصابين بفيروس كورونا ونشر أسمائهم والمعلومات المتعلقة بهم وإصاباتهم، معتبرين ان ذلك يأتي في إطار الإساءة لهم، وتعديا على خصوصيتهم.اضافة اعلان


وأكدوا، في لقاءات مع وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، اليوم الثلاثاء، أن تداول معلومات وبيانات شخصية للمصابين بفيروس كورونا أو المشتبه بإصابتهم بين مستخدمي مواقع التواصل المختلفة يعد انتهاكا للخصوصية ويصل إلى حد التنمر والإساءة الشخصية، ما يستوجب المعاقبة القانونية.

وقالوا إن هذه الظاهرة تؤثر بشكل سلبي على الجهود المبذولة من قبل الجهات المختصة في مجال مكافحة الوباء وتتبع انتشار الفيروس وتؤدي إلى تأخير احتوائه، وتضاعف من الآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على التأخر في محاصرة الوباء ونهايته، في الوقت الذي تؤدي فيه لنشر الخوف والذعر من المرض بين المصابين وفي المجتمع بوجه عام.

وقال استاذ القانون في الجامعة الأردنية، الدكتور محمد معاقبة، إن التعرض لخصوصية المريض وفقا لأمر الدفاع رقم 8 تصل عقوبته إلى الحبس ثلاث سنوات أو الغرامة ثلاثة آلاف دينار، أو العقوبتين مجتمعين.

كما أشار الدكتور معاقبة إلى نص المادة (11) من قانون الجرائم الإلكترونية التي تشير إلى :"يعاقب كل من قام قصدا بإرسال أو إعادة إرسال أو نشر بيانات أو معلومات عن طريق الشبكة المعلوماتية أو الموقع الإلكتروني أو أي نظام معلومات تنطوي على ذم أو قدح أو تحقير أي شخص بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن 100 دينار ولا تزيد على 2000 دينار".

وأكد أهمية تفعيل النصوص القانونية الرادعة، للحفاظ على خصوصية المريض الاجتماعية وحالته النفسية.

بدوره، أوضح أستاذ علم الاجتماع في جامعة البلقاء التطبقية، الدكتور يوسف خطايبة، أن المجتمع في ظل الانتشار الواسع لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي دخل حالة من الفوضى والانفلات وانعدام التقدير للمعايير والقيم الاجتماعية، إذ باتت هذه الوسائل تكشف عن عدم الانضباط والالتزام الاجتماعي.

وقال إن ما نشهده عند البعض من نقد للمصابين بوباء كورونا يشكل أحد مظاهر الانفلات وتحلل المنتقدين من المعايير الاجتماعية، مرجعا ذلك إلى ما اعتبره اندثار المراجع والنماذج وغياب القدوة المؤثرة في حياة الأفراد. وذهب الدكتور خطايبة إلى أن عدم فسح المجال لخبراء في علم الاجتماع والإرشاد والصحة النفسية، للقيام بحملات توعوية وتقديم النصيحة، ترك بعض الأمور تسير على مصراعيها في العالم الافتراضي بين النقد والقدح والتشهير واللوم وما شابه ذلك بالرغم من إمكانية احتواء الأمر ببعض القرارات والإجراءات والإرشاد والتوجيه.

وأكد أنه يستوجب على المجتمع أخذ العبر والدروس في احترام وجهات النظر والتخلي عن أنانية الفهم الخاطئ للأمور، كما يجب احترام رأي الخبراء والعلماء وتبني آرائهم باعتبارهم الفئات الأقدر على التحليل والتمحيص والتقييم للأمور. واعتبرت أستاذة علم الإجتماع في الجامعة الأردنية، الدكتورة ميساء الرواشدة، أن النظرة لبعض المصابين بفيروس كورونا كحالة من حالات الوصم الاجتماعي شيء محزن ومقلق وحالة مجتمعية غريبة يجب معالجتها.

وقالت إن التنمر الموجه إلى المصابين والتشهير بهم واختراق حياتهم الخاصة قد يكون سببا لدى بعض المصابين إلى إنكار المرض خوفا من التشهير والفضيحة والتعرض للتنمر مما يساهم بانتشار المرض وارتكاب جريمة بحق أقاربه وجيرانه وزملائه الذين يتعامل معهم بشكل طبيعي دون الإفصاح عن الإصابة بالمرض والتسبب بإصابة أفراد آخرين. وذهبت إلى الاعتقاد أن التشهير بالمصابين ونشر تفاصيل حياتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي هو السبب في إنكار البعض إصابتهم بالفيروس والإصرار على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، خوفا من اقتحام خصوصياتهم وإلصاق إشارات الوصم الاجتماعي بهم.

وقال استاذ علم النفس التربوي بالجامعة الأردنية، الدكتور يوسف قطامي، إن حالة التوتر والخوف والإساءة تأتي من أن الإنسان أثناء حياته يمر بعصابات (توترات) مختلفة منها ما يذهب ومنها ما يتراكم ويخزن في خبرة الإنسان دون معرفة من الفرد نفسه، وتظهر هذه التوترات في الأوقات الحرجة أو الأزمات، وهذا ما يجسد حقيقة أن الإنسان ابن بيئته الاجتماعية والنفسية. ووصف قطامي، حالة الخوف والتوتر التي يمر بها الإنسان من هذا المرض، بـ"عُصاب الكورونا"، فهو عُصاب آلام الإنسان بسبب قوى داخلية (المحافظة على الأمن والبقاء والسلامة) أو بقوى أمن خارجية وهي الأنظمة والقوانين التي تفرضها طوارئ الأمراض المؤقتة.

وأوضح أن مشكلة الإنسان أنه لم يدرب نفسه داخليا إلا بتأتير مؤثر ضاغط على أمنه أو استمرار بقائه، ولأن ذلك نادرا ما يحدث في مجرى حياته لذلك يشعر أنه "مضطهد كورونيا" فيفترض أنه لو أراد أن يعاند أو يقاتل فهو يقاتل عدوا خفيا هلاميا لا يقوى على الظهور. وذهب قطامي إلى أنه نظرا لأن الفرد لم يدرب نفسه داخليا من غير ضاغط خارجي يتطور لديه الإحباط الذي يذهب معناه إلى أن الإنسان حينما يواجه معيقا أمامه ولا يقوى على التغلب عليه، فإنه يشعر بالإحباط، وهذا ما قد يعانيه بعض الأفراد ممن حجروا أنفسهم خارجيا بتأثير كورونا، أي أنه التزم بالحجر خوفا من سلطة خارجية أو من العقاب. وأوضح أن المواطن المدرب يستطيع أن يؤدب نفسه على احترام قدراته الداخلية في الانضباط، فيمتثل للقوانين والتعليمات التي تصدرها الدولة، والأفراد الذين يقاومون الانضباط هم مواطنون صالحون ولكن عاداتهم فرضت عليهم الميل للتفلت وكسر القوانين في خطوة يسعون من خلالها لإرضاء قواهم البدائية التي لا تخضع إلا لقوى الطبيعة.