وجاءت سيطرة الدعم السريع على المثلث الحدودي بين مصر والسودان وليبيا في 11 يونيو الجاري، لتدفع الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان قائد القوات المسلحة ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، لتوجيه اللوم إلى الحركات التي تركت المنطقة الحدودية وانسحبت، ويواجهها بسلسلة هزائمها الأخيرة أمام الدعم السريع، بينما استخدمت الحركات المسلحة تحركاتها العسكرية والاستراتيجية كورقة ضغط للفوز بنسبة أكبر في الحكومة الجديدة، وفقا لما نشره موقع "راديو دبنقا".
محاولة إنقاذ
عقد رئيس الوزراء المكلف من الجيش بتشكيل الحكومة، كامل إدريس، اجتماعا منذ أيام مع ممثلي 21 مجموعة سياسية وعسكرية، لمناقشة التشكيل الوزاري لكن الاجتماع انتهى بخلافات قوية، دون التوصل لأي اتفاق.
وشهد الاجتماع الأول حضور مستشار رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل محمد الجكومي وقائد قوات درع السودان أبو عاقلة كيكل، وقائد حركة جيش تحرير السودان، منى أركو مناوي ونفذ الأخير خطة لإفساد الجلسة بعدما علم أن كيكل والجكومي سيتم تعيينهما في مجلس السيادة، مما يشير إلى حصولهما على سلطة تفوق الحكومة.
وخرج مناوي من الاجتماع لينتقد علنا عبر منشور على منصة "إكس"، التسريبات المتواصلة للاجتماعات، ويلوح بالإفصاح عن أشياء تقال لأول مرة في الإعلام، إذ كتب: "في هذه الأيام تضاعفت حكاية تسريب الاجتماعات وتوجيه الأقلام والألسنة المقززة بعد تزوير المحاضر وإخراجها من المضامين، بغرض اغتيال البعض".
وانتقد مناوي عملية تسريب ما يجري في الاجتماعات بشدة، إذ تناقلت الصحف السودانية والمواقع الإخبارية أبرز ما جاء بالاجتماع الأول، الذي شهد مغادرة أركو، لضيف: "هذه الصفة الجبانة يجب ألا تكون ضمن صفات الحكام، من أراد حرق المراكب ظنا منه أنه قد عبر، فهو يخدع نفسه ويضحك على الشعب، هذا الأسلوب يدفعنا إلى أن نتناول في الإعلام ما لا يمكن تناوله".
وكشفت صحيفة "السوداني" عن تحرك عاجل من البرهان لإعادة عقد الاجتماع مرة أخرى مع قادة حركات اتفاق سلام جوبا، في محاولة لإنهاء الخلافات والتوصل إلى اتفاق بشأن الحكومة الجديدة المتعثرة، بعدما فشلت كافة الأطراف في التوصل إلى حلول.
وذكرت الصحيفة السودانية أن البرهان عقد الاجتماع بالفعل بحضور بعض القوى السياسية، لكن بغياب رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، وانسحاب مني أركو مناوي رئيس حركة تحرير جيش السودان، مما يؤكد استمرار الخلافات والرفض لقرارات سلطة بورتسودان للفترة المقبلة.
وأشارت المصادر إلى أن البرهان تعهد بمواصلة العمل على إنهاء الخلافات من خلال لقاء مباشر بين قادة الحركات المسلحة ورئيس الوزراء لتقريب وجهات النظر، بينما استمرت حركة مناوي في رفض كل هذه التحركات، ودعت إلى فرض هيبة القانون.
الطريق إلى الحكومة
تمسكت الحركات والميليشيات المسلحة التي تقاتل ضمن صفوف الجيش في الحرب الأهلية بالسودان التي بدأت في منتصف أبريل 2025، بمبدأ المحاصصة في الحكومة الجديدة، وطالبت بنسبة 25% التي أقرتها اتفاق جوبا.
وكان البرهان قد أعلن تعيين كامل إدريس في مايو الماضي رئيسا للوزراء، دون التشاور مع الحركات المسلحة، الأمر الذي أنذر ببداية الخلافات الداخلية في سلطة بورتسودان وقواتها العسكرية المتحالفة، الأمر الذي حدث بالفعل لاحقا.
وطلبت الميليشيات المسلحة التي تمثل النسبة الأكبر من قوة سلطة بورتسودان العسكرية في الحرب، الحصول على نسبتها كاملة في الحكومة الجديدة، ومن بينها حقائب وزارات المالية والمعادن للتحكم في ثروات البلاد والسيطرة على الذهب والنفط والمعادن، الأمر الذي قوبل بالتجاهل من سلطة البرهان.
واعتبر محللون انسحاب الحركات المسلحة من المثلث الحدودي دون الدخول في قتال بعد تواصل مباشر مع قيادة الدعم السريع، بمثابة ضغط قوي على سلطة بورتسودان لمنحها حصتها في الحكومة الجديدة، وانتشرت تقارير حول وجود تنسيق بين الدعم السريع وقادة الحركات المسلحة بطلب من رئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، الذي أراد إيصال رسائل عاجلة للجيش بضرورة التراجع عن استبعادهم من الحكومة.
وتحدث المحلل السوداني، محمد الحسن في مقال نشره موقع "سودان تربيون" عن خطورة خطة كامل إدريس في تشكيل الحكومة الجديدة، مشيرا إلى ضرورة أن يتحرك البرهان داخليا ضد الحركات المسلحة المتحالفة معه، وإقناعها بالابتعاد عن الحكومة الجديدة.
لكن الميليشيات المسلحة لا تقبل باستبعادها من الصورة، خاصة وأن البرهان كان له تصريح سابق قال خلاله إن كل من حمل السلاح مع الجيش سيكون له دورا كبيرا في أي مشهد سياسي قادم، بالإضافة إلى مبدأ المحاصصة في اتفاق جوبا، وما زالت تتمسك بالوزارات السيادية والمسيطرة على الثروات وأبرزها المالية والمعادن.
وأشار الحسن إلى أن "حكومة إدريس ستترنح وتسقط إذا منحت الوزارات السيادية إلى الحركات المسلحة خارج نطاق الكفاءات، مما يقوض من استقلالها"، محملا البرهان مسؤولية سقوط الحكومة التي أعلن تعيين رئيسها الشهر الماضي، بسبب الخلافات مع الميليشيات المسلحة الطامحة في نسبة كبيرة من التمثيل الحكومي.
وتطالب القوى المدنية في السودان بضرورة تشكيل حكومة تمثل كافة الأطراف، من أجل بدء عملية سياسية شاملة تنهي الحرب، لكن البرهان رفض هذه الطلبات كما رفض من قبل الدخول في مفاوضات مع قوات الدعم السريع، وشدد على ضرورة استمرار الحرب.
-
أخبار متعلقة
-
ترامب يحذر إيران من ضربة جديدة
-
إجلاء 80 ألف شخص جنوب الصين جراء الفيضانات
-
ترامب: نحرز تقدمًا كبيرًا في ملف غزة
-
مجلس الأمن يبحث مستقبل الملف النووي الإيراني
-
إيران بصدد مقاضاة غروسي بتهمة التجسس
-
تأجيل محاكمة وزير الدفاع الكويتي الأسبق الشيخ أحمد الفهد
-
فوز مرشح مسلم بالانتخابات الأولية لمنصب عمدة مدينة نيويورك
-
إندونيسيا تطور غواصات عسكرية مسيّرة