الجمعة 26-04-2024
الوكيل الاخباري
 

الحقيقة الضائعة



في مدرسة مادبا الثانوية للبنين ، التي أنهيت فيها المرحلة الثانوية ، كان آذن المدرسة (المراسل) رجلا بسيطا، وكانوا يكلفونه في الكثير من المهام.

اضافة اعلان

ومن بين تلك المهام الملقاة على عاتق المراسل الطيب ، كانت مهمة تسجيل قراءات كمية الأمطار التي هطلت ، وذلك من مقياس أنبوبي موضوع على سطح المدرسة.


الرجل لم يسمع بكلمة الموضوعية أو الواقعية أو ضرورة التسجيل الدقيق على الأقل ، فهو مرهق في الأعمال من الصبح حتى نهاية الدوام، لذلك كان يسجل القراءات دون أن يصعد الى السطح، وكان يسجلها أحيانا على قاعدة النكاية في بعض اقاربه المزارعين ، حيث يسجل بأن المقياس سجل (10) مليمتر ، بينما تكون الأرض غرقى بالمياه ، ولا تقل كمية الهطول عن 35 ملم .

طبعا حينما كان يرضى عن أقاربه كان يسجل نسبة هطول 35 ، بينما لم تمطر السماء في ذلك اليوم.
لا يعرف المراسل الطيب عن حجم الكوارث التي تركها وراءه، إذ أن دائرة الأرصاد الجوية أعتمدت تلك القراءات المغلوطة لتلك الأعوام، لا بل أنها صارت جزءا من تحديد معدل هطول الأمطار العام في المحافطة ، وأثرت أيضا على المعدل المطري العام.


رحل الرجل وترك لنا كوارث لن تفنى. لكن المراسل كان يمارس هذه الأخطاء بالكثير من السذاجة والطيبة، وعلى قاعدة المناكفات العادية بين الأقرباء، ولم يكن في ذهنه بأنه يساهم في تشويه التاريخ المطري.


لا أريد هنا أن أسرد الأخطاء والخطايا ، فلن نتفق عليها أصلا ، إذ اننا حتى هذه اللحظة، نمارس التزوير والتحوير أمام أعين الكاميرات ووسائل الإتصال القديمة والحديثة ، دون أن يندى لنا جبين أو ضمير .المشكلة أننا جميعا حيارى ، ولانعرف حقيقة ما يجري الان ، إذ نسمع الخبر أو الحادثة من أكثر من مصدر ، وكل مصدر يرويها بطريقته، ولا ندرك الحقيقة.


في (سكتش) غنائي للرحابنة يصل إلى هدى (أخت السيدة فيروز) رسالة من والدها، وبما أنها لا تجيد القراءة، فأنها تسأل الآخرين تفاصيل ما ورد في الرسالة، فتسأل البقال، الذي يقولها لها أن والدها يطالبها بسداد دينه للبقال، وكذلك يقول اللحام ومعلم المدرسة وغيرهم.


ببساطة .... :
- معظمنا لا يسعى الى الحقيقة
- ولا يقول الحقيقة
- ولا تهمّه الحقيقة.
وتلولحي يا دالية