الخميس 28-03-2024
الوكيل الاخباري
 

الحكومة حائرة وتشتري الوقت فقط



أكبر عقدة لا حل نهائيا لها حتى الآن، قصة المطار، والمفارقة أن الأردنيين الذين يدرسون في الخارج، وأقاموا الدنيا حتى يعودوا الى الأردن، بدؤوا منذ الآن بالسؤال عن الكيفية التي سيعودون بها الى البلاد التي كانوا فيها، وسط مخاوف من تقييدات على السفر، عبر الأردن، أو حتى في الدول التي من المفترض أن تستقبلهم؟.اضافة اعلان


هذا يعني أن موال المطار لن يتوقف، بل زادت التصريحات الحكومية، من التشويش؛ إذ يخرج وزير ويتحدث باسترخاء عن استقطاب الراغبين بالعلاج من جنسيات عربية، وينسى المغتربين الأردنيين، وإجازة الصيف التي على ما يبدو ستمر وهم في ديار الاغتراب، فيما يخرج وزير آخر ليتحدث عن شعوره وليس معلوماته، حول احتمال افتتاح المطار بعد العيد، وتصنيف الدول المسموح استقبال الناس منها الى ثلاث دول، ولكل دولة تصنيفها واشتراطاتها.

ضرر كورونا كبير للغاية، ولكم أن تتأملوا الخسائر المعنوية لأكثر من مليون أردني يعيشون خارج الأردن، ولا يستطيعون زيارة الأردن في الصيف، وبينهم فئة ليست قليلة تزور الأردن أسبوعيا، أو شهريا، بسبب طبيعة أعمالها، ومعهم فئة كبيرة في الأردن ذاته تعيش من السفر ذاته، كونها تعمل في مجالات قطاعات الأعمال المختلفة، وتسافر دائما.

مع هؤلاء خسائر شركات الطيران وشركة المطار والسوق الحرة والمحلات التجارية في المطار، وقطاع سيارات أجرة المطار، وأعداد ليست قليلة تريد العودة الى جامعاتها من الأردن، بعد أن عادت الى الأردن ضمن ترتيبات محددة، وتتخوف الآن من تقييدات العودة، سواء على صعيد الأردن، أو الدول التي يدرسون فيها، بما يؤشر على احتمالات خسارة فصل دراسي، فلا تعرف هل ترضيهم عبر تأمين عودتهم من خارج الأردن، أم إعادتهم قريبا؟.

كل هذا والمعلومات موثوقة المصدر تؤكد أن ملف المطار لم يحسم بعد، وهناك مخاوف كبيرة من فتح المطارات بشكل عادي، خصوصا أن كل الحالات التي تكشفت إصابتها قادمة من خارج الأردن، وهذا يعني أن الوباء المقيم في أغلب دول العالم، يهدد بقوة الوضع الصحي.

لا يمكن لأكثر من مليون مغترب أردني أن يزوروا الأردن، ويخضعوا للحجر الصحي، نظرا لكلفته المالية على العائلات، هذا فوق أن تأخير موعد فتح المطار الى شهر آب، يعني فعليا انقضاء أغلب إجازة الصيف، فلماذا سيأتي المغتربون مادامت الإجازة انقضى أغلبها، والخسائر المالية من غياب المغتربين كبيرة أيضا، فهم يحركون الاقتصاد خلال الصيف، على مستوى كل القطاعات، بما في ذلك القطاع السياحي والعلاجي والعقاري والجامعات، وهذا يعني خسارة كبيرة للأردن من ناحية اقتصادية، وخسارة إنسانية لهؤلاء.

اللافت للانتباه هنا أن هذا العام غريب حقا؛ إذ انقضى أول شهرين منه والمناخ هنا شتوي، بما يعنيه ذلك من تراجع السياحة أو زيارة المغتربين، فيما في الأشهر من آذار حتى ما بعد عيد الأضحى؛ أي مطلع آب، لدينا أزمة صحية، وتقييدات في السفر، فماذا تبقى من العام الاقتصادي على صعيد ما يعنيه المطار أو الحدود البرية، ونحن نقترب مجددا من الشتاء، والمخاوف من صحوة إضافية لهذا الفيروس، وأمام احتمالات الموجة الثانية منه؟.

كل الحلول التي تم وضعها تعاني من ثغرات، وحتى قصة الأساور الإلكترونية تعاني من نقاط ضعف، فالأساور تضمن بقاء الأشخاص في حجرهم المنزلي، لكن لن تمنع أقاربهم وأصدقاءهم من زيارتهم واحتمال نقل العدوى، ومع ما سبق فإن حصول المسافر على فحص طبي، والقدوم الى الأردن غير كاف أيضا، فقد يجري الفحص ويثبت عدم إصابته ساعة الفحص، لكنه قد يلتقط العدوى في اليوم التالي، أو خلال السفر، فيأتينا بها.

هذا ملف معقد، فأغلب الناس داخل الأردن، لا يريدون فتح المطار، خوفا من الوباء، ويتناسون وجود ملايين الأشخاص يحتاجون المطار، من التجار والطلبة، مرورا بالسياح والمرضى، وصولا الى المغتربين وغيرهم، فيما الذين يحتاجون المطار، يحتجون على الإغلاق، ويطالبون بترتيبات معينة لفتحه مقارنة بدول أخرى، خصوصا مع الكلفة الاقتصادية الكبيرة بسبب إغلاقه، وبينهما حكومة حائرة في هذا الملف، تشتري الوقت، حتى تتضح الصورة.

القصة ليست قصة مطار، هي قصة ملايين المسافرين، من المواطنين والسياح، يدفعون الآن كلفة إغلاق المطار على كافة المستويات؛ إنسانيا، وصحيا، وتعليميا، واقتصاديا، واجتماعيا.