الخميس 18-04-2024
الوكيل الاخباري
 

الدولة المتنمرة



دولة واحدة تستخدم اليوم جيشا من المرتزقة ترسلهم الى جبهات القتال حيث شاءت هي تركيا.  بقايا «المجاهدين» من سوريين واجانب على الارض السورية تأخذهم تركيا بلا حرج للجهاد والموت في ساحات قريبة وبعيدة  من كردستان الى ليبيا الى جنوب القوقاز.

اضافة اعلان


الميليشيات المسلحة ومنها بقايا داعش التي انكفأت أمام هجمات النظام السوري وحلفائه الى  حصنها الأخير في منطقة ادلب والشريط الحدودي تحت سيطرة الجيش التركي وجدت لها انقرة وظيفة جديدة  بدفعها للقتال في ساحات التدخل العسكري التركي الجديدة وكان أولها المعارك ضد الأكراد في شرق شمال سوريا. وقبل اشهر في ليبيا والآن في اقليم ناغورني كارباخ المتنازع عليه بين ارمينيا وأذربيجان.

تتصرف تركيا اليوم كقوة اقليمية متجبرة في محيطها الأوسع من غرب آسيا الى شرق المتوسط  وبعدوانية واستقواء يتجاوز كثيرا المصالح الأمنية المباشرة التي بررت التدخل في الشمال السوري وكردستان العراق حيث تعتبر تركيا هذه المناطق الباحة الخلفية  لحزب العمال الكردستاني  PKK. وتفترض ان وحدات حماية الشعب الكردي السورية هي امتداد للحزب الانفصالي في شرق وجنوب تركيا والذي تعتبره تنظيما ارهابيا لا تتسامح مع وجوده أو استضافته في اي مكان.

ابعد من ذلك ومع المصالح الجديدة في نفط المتوسط  تحولت تركيا بلا تردد الى التدخل العسكري بعيدا عن حدودها  ولمصالح اقتصادية وجيو استراتيجية. وكانت تركيا قد حصلت على عائد دعمها لحكومة طرابلس ذات التوجه الاسلامي  اتفاقية  ترسيم حدود بحرية تقسم عرض البحر المتوسط هكذا وبلا سند دولي بين البلدين وتضرب عرض الحائط حقوق الدول الأخرى. وقد باشرت  السفن التركية بموجب هذه الاتفاقية رغم  احتجاج ورفض جميع الدول المتوسطية الأخرى مشاريع التنقيب بحماية بارجة عسكرية تحمل – بدلالة استفزازية - اسم القرصان التاريخي الأشهر خير الدين بارباروسا ( ذو اللحية الحمراء)  الذي ارعب السفن التجارية في البحر المتوسط وضمه العثمانيون لأسطولهم البحري. ولم تتردد في ارسال قوات عسكرية وآلاف المرتزقة من الميليشات المتطرفة لدعم حكومة الوفاق لرد قوات حفتر واستعادة السيطرة على شرق ليبيا ولم تتوقف الا مع الانذار المصري الحاسم على ابواب مدينة سرت الميناء الاستراتيجي الليبي على المتوسط. وردا على الانذار المصري باشرت مناورات بحرية استفزازية على الشواطىء الليبية.

تنفي تركيا المعلومات الموثقة عن ارسال مرتزقة الى ناغورني كارباخ لكنها تجاهر بتدخلها العسكري لصالح القوات الأذرية بينما تحاذر جميع القوى الأخرى بما في ذلك روسيا التدخل او الانحياز الصريح لأي طرف في هذا الصراع العرقي الجغرافي الموروث من زمن تفكك جمهوريات الاتحاد السوفييتي. تركيا وحدها تتصرف بلا روادع امتدادا لسياسية تتسم بالرعونة والتنمر على كل الجبهات وقد تابعنا نموذجا لها في موضوع اللاجئين حين كانت تركيا تبتز اوروبا صراحة بالتهديد باطلاق موجات جديدة من اللاجئين على اوروبا عبر اليونان الخصم الأكبر مع قبرص للاتفاقية البحرية الليبية التركية.

 بهذه السياسيات اصطدمت تركيا على التوالي مع الجميع ولم يبق من يستطيع ان يغض الطرف عن أساليبها المستقزة وغطرستها السياسية والعسكرية من السعودية الى مصر  الى روسيا وأوروبا والولايات المتحدة  وتكاد تبدو على الساحة الدولية كدولة  متنمرة  لم يعد ممكنا التراخي معها.