السبت 20-04-2024
الوكيل الاخباري
 

العلاقة الطبيعية مع إسرائيل



ستتجه العلاقة مع إسرائيل للعودة لوضعها الطبيعي بالتزامن مع مغادرة نتنياهو. الأردن دولة في غاية الأهمية لإسرائيل لأسباب عديدة معقدة ومركبة، والأردن أيضا يهتم بعلاقاته مع إسرائيل لأن لديه مصالح حيوية عديدة مرتبطة بتلك العلاقة. فترة حكم نتنياهو ألقت بظلال سيئة وخلقت أجواء من اللاثقة بين البلدين، وصلت لأن يستهتر نتنياهو بمصالح الأردن والعلاقة معه. في مواجهة ذلك، حافظ الأردن على أسلوب تعاطٍ ندي سيادي، مدركا أوراق القوى العديدة لديه، ومع تعاظم احتمالات مغادرة نتنياهو، يتوقع الأردن أن تدرك إسرائيل وتحترم مصالح الأردن السيادية، وارتباط تلك المصالح بحل الدولتين وإنهاء النزاع مع الفلسطينيين وإعطائهم حقوقهم الوطنية.اضافة اعلان


بعد مرحلة ترامب الصعبة والمنحازة والشوفينية، ندخل مرحلة تتهيأ فيها الظروف ليس فقط لعكس ما قام به ترامب، بل أيضا لإحداث اختراقة حقيقية على طريق التسوية النهائية والتاريخية للصراع الأطول على وجه الأرض، وإذا ما غادر نتنياهو وانتهينا بحكومة أقل حدة وأكثر بحثا عن إرث تاريخي، ستكون الأطراف الرئيسية “قادرة وراغبة” في إنهاء الصراع، ويمكن لأميركا والأردن ومصر أن يلعبوا دورا محفزا كبيرا بتقريب وجهات النظر ومد الجسور بين الفلسطينيين والإسرائيليين وتقديم الضمانات اللازمة لتشجيع الطرفين الرئيسيين على اتخاذ مواقف وتنازلات تاريخية تنهي هذا النزاع المعقد.

للإدارة الأميركية، بلا أدنى شك، دور باتجاه الأمور للمنحى الإيجابي الذي تسير نحوه، وإن كانت لا ولن تعلن ذلك، لكن لأميركا تأثير بالغ في عمق السياسة الإسرائيلية ونخبها، ولا يستبعد على الإطلاق أن تكون قد أثرت في مشهد إزاحة نتنياهو عن سدة الحكم. الإدارة الأميركية معنية بالسلام والاستقرار في الشرق الأوسط وتؤمن بحل الدولتين، وقادرة على جلب أطراف المعادلة كافة لتسوية تاريخية إن وضعت الوقت والجهد اللازمين لإحداث ذلك. الشرق الأوسط ليس أولوية للإدارة الأميركية، ولكن ثمار الإنجاز فيه متدلية يمكن قطفها بسهولة.

ما يزيد من القناعة أن الأجواء مهيأة لاتفاق تاريخي، ذلك التحول النوعي المهم الذي حدث في الرأي العام العالمي جراء المقاومة النوعية والمتميزة التي أظهرها المقدسيون في مواجهة اقتحامات الحرم القدسي الشريف ومحاولات الاستيلاء على حي الشيخ جراح. أخذت هذه المقاومة بعدا إنسانيا مؤثرا ووظفت ميادين العمل الرقمي ونجحت بالفعل بإحداث تغيير في الرأي العام الذي بات أكثر تعاطفا من الفلسطينيين وإنسانيتهم وقضيتهم الوطنية. هذا يعني الكثير، من ضمنه أن إسرائيل ونخبها المؤثرة يدركون الآن أنهم لن يستطيعوا الاستمرار بالقفز عن مواجهة استحقاق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها إقامة الدولة وعاصمتها القدس، فإن حدث ذلك، تكون مصالح الأردن السيادية قد تم صونها لأنها تتحقق بإقامة الدولة الفلسطينية، وعندها تبدأ أجواء العلاقات الطبيعية بين فلسطين والأردن وإسرائيل كجزء من منظومة العلاقات الدولية بين الأمم ذات السيادة، وعندها تتوجه الطاقات نحو البناء وإحداث الازدهار لا الاستمرار في دوامات العنف والقتل واللااستقرار.