الخميس 2024-12-12 01:39 ص
 

حتى لا تضيع الفكرة

12:31 ص
اؤمن بالعمل الحزبي، وأراه خطوة حقيقية في اتجاه تعزيز الاصلاح وقيم المواطنة، وأعتقد أن تطور الدول لا يمكن ان يكون دون وجود احزاب فاعلة ذات برامج حقيقية، واؤمن يقينا ان التطور العمراني او في تعزيز البنية التحتية دون وجود احزاب حقيقية سيبقى تطورا سلبيا لا مفاعيل له على ارض الواقع.اضافة اعلان


من هنا فإنني أعتقد أن بعض الأنظمة التي تحاول الاستعاضة عن الديمقراطية والحزبية من خلال تعزيز البنية التحتية ورفع قيمة رفاهية الفرد المجتمعية، ستعرف يقينا إن آجلا او آجلا أن الديمقراطية والحزبية وحرية الفرد فكريا وسياسيا هي الأساس وأن ما تبقى من قيم رفاهية تعتبر اكسسوارات للزينة لا يمكن ان تغني عن الحريات الفكرية والديمقراطية وتداول السلطة.

وأعتقد ان تلك الدول ستجد نفسها امام واقع مهم لا مناص عنه عنوانه تعزيز الحريات العامة والديمقراطية، فذلك هو الطريق الوحيد للنهوض بالشعوب والامم، واي امور اخرى تبقى زوائد لا تفيد في تثبيت البنيان.
تأسيساً على ذاك، وامام حقيقة تاريخية مفادها ان العمل الحزبي جزء اصيل لتعزيز الديمقراطية فانه يتوجب القول ان الاحزاب لا يجوز صناعتها، ولا يمكن استقطاب الناس اليها استقطابا دون ان يكون لتلك الاحزاب برامج واقعية على الارض، برامج سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية وفكرية، فلا يجوز ان نقول بوجود احزاب دون ان تمتلك تلك الاحزاب رؤى سياسية معارضة لنهج الحكومات حينا، وتعمل لإيصال ممثليها للحكومات من خلال برامجها.
عمليا فإننا لا نريد احزاب «دبكة وتسحيج» وإنما احزابا واقعية، حقيقية لا نكمل فيها ديكور البيت وإنما نبني فيها طوابق اصلاح حقيقية وفاعلة.

شخصيا، أؤيد وبقوة ان يذهب الناس للتحزب، فالحزبية عنوان الدول الراقية، والحزبية هي التي تعني اندحار الجهوية والعشائرية والمناطقية، وتعزيز دولة المؤسسات والقانون والحريات، بيد ان رفع شعار الحزبية لا يعني ابدا ايمان البعض به، فالحزبية تحتاج لممارسات على ارض الواقع، ابرزها وجود برامج عمل وفكر يؤسس لهذا الحزب او ذاك، كما ان الحزبية لا تعني تجمع ناس مع بعضهم البعض وإنما يعني توافق اولئك الناس على نقاط مشتركة واهداف واضحة وبرامج عمل واضحة ومعارضة مبنية على رؤى واهداف.
لست ضد اي تجمع معين او اي حزب سياسي يستعد للإعلان عن نفسه او اعلن عن ذاته وانتهى، ولكني أجد مناسبة لتوضيح بعض الأمور التي قد تغيب عن بال البعض في خضم الاندفاع نحو التحزب، إذ لا تستوي الحزبية والإقليمية او العشائرية او المناطقية، وإنما يعني العمل الحزبي ذوبان تلك الامور في بوتقة الفكرة الحزبية والرسالة الحزبية والعمل الحزبي، ولذا فإنه عندما يؤمن اولئك الذين نسمع بين فينة وأخرى تدافعهم للعمل الحزبي ان الحزبية هي الرؤية الصحيحة لمعالجة قضايانا المختلفة فإن ذاك يعني اننا في الطريق الصحيح، بخلاف ذلك لن نقطف ثمرة عملنا ولن يكون بمقدورنا الانتقال من مرحلة لأخرى، وسنكون كمن يحرث في البحر.
المؤمل ألا نخرب الفكرة ونضيعها ونقزمها، والمؤمل ان يترك الناس وفق ما يرغبون، وينضمون لأحزاب يؤمنون بأهدافها وبرامجها، والمؤمل ان يبتعد اولئك الذين يحبون اللعب في الظلام عن الفكرة حتى نستطيع ان نقف على ارض ثابتة وبرامج قوية، وليس برامج وهمية واسماء للاستخدام لمرة واحدة فقط.

وحتى لا تضيع الفكرة نقول اتركوا الناس لما يريدون، دعوهم يختلفون، ودعوا الاحزاب تعلن عن ذاتها دون تدخل من احد او ترتيب من قبل اياد خفية.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة