الخميس 25-04-2024
الوكيل الاخباري
 

حكاية (أبو عمار) و علبة التوفي



ذات اجتماع حزبي في بداية التسعينات ؛ قدّم أحد الرفاق تقريره المالي للمسؤول المالي في الحزب اليساري ..وكان كل حزبٍ أردنيٍّ حينها نشيطاً في موضوع ( المفاتحة الحزبيّة ) ليضم أكبر عدد ممكن من الشعب إلى صفوفه ؛ خصوصاً وأن الأحزاب الأردنية خرجت من تحت الأرض و صارت ترقص تحت الشمس ..!!اضافة اعلان


المهم ..أثناء مراجعة المسؤول المالي في الحزب لتقرير الرفيق المالي عن مصروفاته ..صرخ المسؤول المالي صرخة جمهرت كل من كان موجوداً في المقر : شو هاد يا رفيق ..فيه كذب بهذا التقرير ..!! احمر لون الرفيق صاحب التقرير وقال : وين الكذب ..؟ قال المسؤول المالي وهو يخبط بيده على الطاولة كمن أمسك شيئاً كبيراً : إنت كاتب إنو معطيين ( أبو عمار ) علبة توفي ؛ كمفاتحة حزبية عشان تضموه للحزب بالتاريخ الفلاني ..و مكتوب أن ثمن علبة التوفي عشرة دنانير .. وهذا كذب ؛ لأنو أبو عمار كان بتونس بهذا التاريخ ..!! وهنا ..انفرجت أسارير الرفيق صاحب التقرير وقال للمسؤول الحزبي : وجع يخلع نيعك ..أبو عمار مش ياسر عرفات ؛ أبو عمار واحد من وجوه منطقتنا ..!! قال المسؤول المالي بصوت خفيض: إذا هيك ممكن ..!!

اقتربتُ من المسؤول المالي وقلت له : يا رفيق ..ليس مهماً أن يكون ياسر عرفات في تونس ..هل كان احتجاجك على ذلك ..؟ لماذا لم يكن احتجاجك على مفاتحة ياسر عرفات للانضمام للحزب ؛ هل هذا منطقي ..وكمان يا رفيق ؛ هل من المعقول أن يذهب رفيقنا إلى ياسر عرفات ويأخذ معه علبة توفي ..عن جد يا رفيق : وجع يخلع نيعك ..!! قال المسؤول الحزبي بنبرة حازمة : أنا ما دخلني ..أنا أقرأ ورق و بس ..!!

هنا لُبّ المشكلة في كثير من المسؤولين العرب : أنهم يقرأون ورقاً فقط ..ولا يمكن أن يقرأوا ما خلف الورق ..لذا ..أصبحنا أمّة ورقية ..من الممكن أن يتحوّل فيها عنترة بن شداد بجرّة قلم إلى ( تاجر خردة ) و يقبل برغيف سندويش فيه حبتا فلافل فقط و بدون شطّة ..!!