الثلاثاء 16-04-2024
الوكيل الاخباري
 

دحرجتم كرة النار لحضن الجامعات ..!



عام دراسي «فادح»؛ أكثر فداحة من سابقيه:
على صعيد التعليم المدرسي لا سيما التوجيهي، تعاظمت التحديات، فبعد أن ضاع ثلث الفصل الدراسي الأول في العام الدراسي الماضي بسبب إضراب المعلمين، جاءت الجائحة لتقضم أكثر من 3 أشهر من الفصل الثاني، الأمر الذي أرغمنا جميعا على خيار التعليم عن بعد، وهو أفضل الخيارات في مثل هذه الظروف، وجرت امتحانات ثانوية عامة ضمن ظروف خاصة، حاولت وزارة التربية أن تأخذها بعين الاعتبار في سياق التعامل مع الأزمة ومراعاة ظروف الطلبة والناس، لكن هل كانت الجامعات في ذهن جماعة وزارة التربية حين وضعوا أسئلة امتحان الثانوية العامة بتلك الطريقة؟ وتم تخريج حوالي 96 الف طالب، من بينهم حوالي 60 الف طالب حازوا معدلات تؤهلهم لدخول الجامعات، حسب تصريحات وزارة التعليم العالي، علما أنها لم تأخذ في حسبانها بأن هناك دورة تكميلية، قد يتقدم خلالها 60 الف طالب آخرين لاجراء الامتحان التكميلي.اضافة اعلان


أما على صعيد الجامعات فالأمر بالغ السوء، فهي تعاني ظروفا مالية صعبة، قبل أن تتوافد إليها في العامين السابقين أعداد من الطلبة، تفوق ضعف أو ضعفي طاقتها الاستيعابية! ثم جاء عام الجائحة بظروفه الأقسى، ولجأت الجامعات أيضا إلى التعليم عن بعد، الذي أفقد جامعات تميّزها، وتميّز خريجيها، وهنا سأضرب مثالا واحدا من الجامعة الأردنية، التي تنامى فيها جدل بخصوص تخصص الطب وطب الأسنان، حيث تشددت كلية طب الأسنان في المحافظة على تميّز طلبتها، وحاولت أن لا تتوقف كثيرا عند الجائحة وظروفها، بينما لم تفعل كلية الطب البشري، وتخرج جميع طلبة السنة الأخيرة من كلية الطب البشري فيها، بينما لم يحدث ذلك في كلية طب الأسنان، ويمكنني أن أؤيد الرأيين، أعني المتشدد الذي لم يأبه كثيرا للجائحة، والمتعاون مع الطلبة، فوجهتا النظر لهما ما يبررهما.

المشكلة التي كانت وما زالت عالقة في الكليتين الطبيتين في الجامعة الأردنية، متعلقة بعدد الطلبة الذين تم استقبالهم العام الماضي في السنة التحضيرية، حيث تضاعفت الأعداد فوق الطاقة الاستيعابية للكليتين، وكانت الجامعة تنوي التعامل مع نتائج هؤلاء الطلبة في السنة التحضيرية الأولى، لتقوم بالتصنيف الدقيق لهم، وذلك لأنها ونظرا لارتفاع معدلات الثانوية في العام الماضي، استقبلت هذا العدد الكبير في الكليتين، وفي هذا العام ستتعرض لنفس المشكلة لكن بشكل أكبر، فمعدلات الثانوية أعلى من العام الماضي وعدد الطلبة أكثر.
الطاقة الاستيعابية لجامعاتنا الحكومية عند بداية كل عام دراسي تناهز 30 الف مقعد فقط، ولم تتغير حيث لا يمكن للجامعات التوسع بسبب الظروف المالية المعروفة، وقد استقبلت الجامعات أكثر من هذا العدد قبل عامين، حيث ناهز العدد 43 الف طالب آنذاك، ثم ازداد العدد فتجاوز 60 الف العام الماضي، فعدد الطلبة الذين حازوا على قروض ومنح تجاوز 60 الف، وهذا العام سيزداد بواقع أكثر من 15 الف طالب عن العام السابق، أي سيبلغ أكثر من ضعف ونصف الطاقة الاستيعابية للجامعات، التي نذكّر بأنها تعاني من مشاكل وأزمات مالية خانقة وبعضها لا تجد رواتب موظفيها.

تغليبا للمصلحة الوطنية العليا، تتراجع هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي عن اشتراطاتها على الجامعات ومديرية القبول الموحد في وزارة التعليم العالي، المتعلقة بالالتزام بالطاقة الاستيعابية، وهي ستتنازل عنها هذا العام أيضا، فالتحدي الذي تفرضه الأعداد والمعدلات المرتفعة يوجب عليهم أن يغلبوا مصالح الطلبة على مصالح الجامعات..
لكن من يحترق هي الجامعات، بسبب كرة اللهب التي تتعاظم كل عام، ونحن متمترسون خلف ثقافات اجتماعية أصبحت مكمن الخطر.