ستذهب هذه الأيّام لشأنها؛ لكنها لن تغادرنا أبداً. ذاكرة الناس أرّخت ليوم ويومين وأسبوع وجعلت لذلك ما قبله وما بعده؛ فقالت: أيّام الثلجة. أيّام النكسة. وأخذ تاريخ الأشخاص حين لم يكن هناك توثيق شكلاً ساخراً حين قالوا: ولد فلان لمّا انسرقن جاجات أم محمد. تزوّج فلان يوم ضرب عطيّة (خماسي) للمختار. لذا ؛ سقول الناس عن هذه المرحلة: أيام الكورونا وأيّام الحظر.
أمّا ما سيميز هذه المرحلة عن غيرها من الذاكرات فهي التوثيق الكثير. فإذا كانت كل الأحداث عبر الأزمان السابقة تُتعب المحققين والباحثين لقلّة المصادرة وندرة الوصول لحقيقة ما حدث؛ فإن هذه المرحلة تمتاز بالتوثيق المليوني لكل ثانية ودقيقة لما حدث بالصوت والصورة والكتابة والآراء المتشابكة والمتطابقة.
ماذا لو كان أيّام طوفان نوح كاميرات وفيس بوك ومطابع وواتس أب..لما اختلفنا فيه للآن..؟ ماذا لو كان هناك تسجيل كامل لما جرى في سقيفة بني ساعدة لما انقسمنا إلى سنة وشيعة بهذه الطريقة؟ ماذا لو كان شاهدنا كل التاريخ من أصحابه مباشرة كما هو حالنا اليوم؟ ملايين الأكاذيب ستنتهي وسيبقى الحكم لمزاجك وعقلك وهواك. وستتغيّر كثير من القناعات.
ذاكرة الناس ليست في أدمغتهم فقط بل فيما أقدموا عليه من توثيق عن قصد أو بدونه وسيكون لهذا التوثيق خلاف في الرأي وليس خلافاً في المعلومة على الغالب.
ماذا ستصنع ذاكرة الناس بكل ما عاشوه بأنفسهم ولديهم من الصور والفيديوهات والكتابات الكثير الكثير؟ كيف سينزاح المجتمع أو المجتمعات وكيف ستتغيّر؟ لا أعلم على وجه الدقة؛ ولكني الذي أعلمه أن الناس ستصبح غير الناس. وها نحن نراقب ونشارك ونرى..
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي