الخميس 25-04-2024
الوكيل الاخباري
 

صالونات سياسية تتعارك



في المشهد السياسي حراكات متواصلة بعضها تقوده صالونات وشخصيات سياسية بأفكار مختلفة تتعارك، وبعضها الآخر يتوافق حول قضايا معينة، وفي المشهد أيضا أحزاب سياسية قائمة او تحت التأسيس منشغلة بترتيب أوضاعها لتهيئة لمرحلة مقبلة باتت أقرب من أي وقت مضى.اضافة اعلان


الظاهر ان عراك صالونات سياسية يتطور حينا لمستويات تخرج من الدائرة المغلقة للعلن، وأوقات اخرى يبقى الخلاف محصورا ضمن دوائر ضيقة لا نلمسه او نسمع به الا من خلال تسريبات هنا او هناك، واغلب تلك التسريبات تكون عن طريق هذا الطرف او ذاك!!.

في الخلفية ان صالونات سياسية سبق لها في أوقات معينة أن اخذت البلاد والعباد لمرحلة لتحشيد واصطفاف لا نريد ان تعود مجددا، ولذلك فإن واجبنا يقتضي ان نكون اكثر قراءة للمشهد السياسي بشكل عام، وألا نجعل ما يتسرب مادة للحوار او النقاش او الاصطفاف، فأولئك يختلفون على قضايا ليس لنا ناقة فيها ولا جمل، ويتوافقون عندما تكون رياح سفنهم تجري في نفس الاتجاه، وفِي الحالتين يكون توافقهم على قضايا تخصهم وتتوافق مع مصالحهم، وليس حول قضايا للمواطن فيها دخل او علاقة.

لست ضد ان يجلس ساسة وحزبيون ونقابيون ووزراء متقاعدون وشخصيات طامحة بمواقع في الدولة ويتداولون في الشأن العام، ويطرحون على طاولة الحوار قضايا تخص البلاد والعباد ويقدمون افكارا ومقترحات لمعالجة هذا الجانب او ذاك، بيد ان ما يجري في اغلب صالونات الساسة عندنا (لا اقول كلهم، فبعضهم يتناقش ويقترح ويقدم حلولا) ليس له علاقة بتشخيص الواقع او تقديم حلول بقدر ما يتعلق بتسريب توقعات وتحشيد وجهات نظر ووضع عصي في دواليب اي فكر اصلاحي او حراك إيجابي وتسويد المشهد حتى يتراءى للمتابع انهم هم وحدهم من يملكون العصا السحرية لمعالجة قضايا البلاد ومشاكلها الاقتصادية والاستثمارية والاجتماعية والثقافية والسياسية، وانهم وحدهم من لديهم القدرة على الخروج من عنق الزجاجة!!.

المضحك المبكي ان بعض اولئك سبق لهم الجلوس لسنوات على كرسي المسؤولية ولم نر منهم افكارا اصلاحية او معالجات ثورية او حلولا تخرجنا من الدائرة التي نحن بها اليوم لدوائر اوسع وأرحب وأكثر شفافية، ولكنهم وقت ذاك أشبعونا بحلول ترقيعيه، ومعالجات آنية ساهمت في ارتفاع ارقام عجز الموازنة وزيادة المديونية.

الأنكى ان اولئك الذين سبق لهم ان تسيدوا المشهد سابقا كانوا اكثر راديكالية ولم نسمع منهم افكارا إصلاحية او حلولا واقعية، او رؤية تبني دولة قانون ومؤسسات، وتعزز فكرة المواطنة، وسيادة الدولة، واليوم يخرجون علينا وهم خارج المشهد بتسريبات هدفها الأول مساعدتهم للعودة لموقع المسؤولية، وهم الذين يعملون على إيصال ما يريدون للعلن.

الأكثر ايلاما ان اولئك لا يتبنون فكرا واضحا ورؤية سياسية عميقة ولا يتبنون مدرسة سياسية معينة، ولم نسمعهم معارضين لخطط صندوق النقد او لسياسات الحكومات المتعاقبة، وانما نسمعهم يبثون اشاعات الخلافات والرحيل والترحيل وغضب هذا وحرد ذاك.

لا ضير ان توجه انتقادات من شخصيات سياسية لهم رؤية واضحة في الادارة العامة والإصلاح السياسي، وينهلون من مدرسة سياسية محددة، ويقدمون حلولا علمية واقعية وأفكارا إصلاحية سياسية ويؤمنون ان المواطنة هي الأساس لبناء الدولة، وان الاصلاح هو الطريق الواضح لبناء الدولة المدنية الحديثة، اما ان يبقى اولئك يدورون في فلك الجهوية والاصفافات الراديكالية التي تهدف لإعاقة أي تطور إصلاحي يمكن البناء عليه، وأولئك يفعلون ذاك حتى يحافظوا على وجودهم وامتيازاتهم التي حصلوا عليها في غفلة من الزمن.