الإثنين 29-04-2024
الوكيل الاخباري
 

عندما تصبح كرة القدم عنصرية!!



 
عندما اجتاح الكيان الصهيوني لبنان العام 1982 تزامن ذلك مع انطلاق كأس العالم العام 1982 في اسبانيا، بمشاركة 24 فريقا من مختلف قارات العالم، وقت ذاك رفض الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) اي اشارة من قريب او بعيد لاجتياح لبنان، او اظهار اي تعاطف مع الضحايا الذين سقطوا، او اظهار اي نوع من الحزن والاسى على الاطفال الذين قتلهم الصهاينة بشكل نازي في صبرا وشاتيلا، باعتبار ان الاتحاد الدولي يرفض زج الرياضة بالسياسة!!اضافة اعلان


تفهم البعض الامر، واعتبروا ان «فيفا» منظمة مستقلة لا يتوجب زجها بالسياسة، ومن هذا المنطلق قامت (الفيفا) اكثر من مرة بمعاقبة اتحادات وطنية لكرة القدم بحجة ان تلك الاتحادات تم التدخل في عملها من قبل سياسيين، والادلة على ذلك اتحادات دول العالم الثالث على وجه الخصوص، والتي حرمت من لعب كرة القدم كثيرا.

وايضا عندما رفع لاعبون مثل المصري محمد ابو تريكة او غيره شعارات ترفض الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وقصف غزة وحرقها بشكل نازي متوحش من قبل الطيران الصهيوني، عوقب اللاعبون بالإيقاف والغرامة تحت ذريعة عدم جواز التداخل بين الرياضة والسياسية.

صحيح ان سوادنا تضايق من قرارات «فيفا» ولكن الكثير ممن تضايقوا تفهموا الامر باعتبار ان هذا حال الاتحاد الدولي لكرة القدم بشكل دائم، وانه يريد ان تصبح الرياضة وسيلة سلام وتواصل بين الشعوب وليس بابا للفرقة والتشتت، وان الالعاب الاولمبية باب لفتح ممرات سلام وتواصل بين شعوب الارض.

اليوم ظهر الوجه القبيح لـ»فيفا» وظهر الوجه الاقبح للدول الغربية وللأندية المختلفة، فـ»فيفا» وتلك الاندية العنصرية لم نرها تلون ملاعبها بعلم فلسطين او العراق او لبنان او اليمن او افغانستان او سورية او ليبيا او السودان عندما كانت تلك الدول تقصف وتدمر من قبل الطيران الاميركي او طيران حلف الناتو، او من قبل الطيران الصهيوني، ولم نرها تتعاطف مع اللاعبين الذين يحملون جنسية تلك الدول وتقف لتحيتهم ومواساتهم.

لم نر اي تعاطف رغم ان العراق احتل اميركا، واحتلت ليبيا من قبل الناتو والولايات المتحدة دون تفويض دولي، فيما احتل النازيون الجدد المتمثلون بالصهاينة فلسطين كل فلسطين دون اكتراث للشرعية الدولية رافضين الاعتراف بأي قرار دولي، ورغم ذلك يغض اتحاد كرة القدم العالمي النظر عن اسرائيل، وأبقاها عضوا فيه دون ايقاع اي عقوبة بحق اسرائيل بحجة الابتعاد عن السياسة.

المفارقة ان «فيفا» توقع عقوبات بالجملة على الاندية الروسية والمنتخب الروسي ويحرمه ويحرم لاعبين من المشاركة في دورات اولمبية بسبب حرب اوكرانيا التي يختلف حولها المختلفون، فلو برر البعض ما قامت به الولايات المتحدة من تحركات في ازمة الصواريخ الكوبية في ستينيات القرن الماضي، باعتبار ان تلك الصواريخ تهدد امنها القومي، فإن علينا بالمثل تفهم الموقف الروسي من تمدد حلف الناتو شرقا، باعتبار ان هذا التمدد يهدد الامن القومي الروسي، ولو بررنا لدولنا خوفها على امنها القومي وخوفها من اي تمدد ايراني مثلا، فإن علينا ان نسمع للروس اكثر ونبرر لهم تخوفاتهم على امنهم ايضا قبل ان نبادر لشيطنتهم، واتهام من يدعو لتغليب لغة العقل بمعاداة حقوق الانسان والديكتاتورية وغيرها من اتهامات جاهزة لدى صناعة الرأي العام الغربي الذي ينشط اذنابه في شيطنة ما يجري، ويرددون ما تقوله آلة الغرب الاعلامية المنحازة دوما.

الأكيد اليوم ان ازدواجية معايير ظهرت في الاتحاد الدولي لكرة القدم وتلك باتت واضحة وجلية وانكشف انحياز «فيفا» للغرب دون غيره وأظهر الاتحاد الدولي عدم قدرته البقاء حياديا طالما كان الامر يتعلق بالغرب وحلف ناتو، وهو ما يكشف دون ريب ان هذا الاتحاد وأنديته لم يكونوا يوما مع حقوق الانسان او مع قضايا الشعوب، وانما كانوا مع الغرب وسياسته المنحازة لجنس معين دون غيره.