معرفتي الشخصية بالدكتور خالد الكركي محدودة. لكن من لا يعرف الدكتور خالد الكركي؟ نعرفه بالطبع منذ كان أستاذا في الجامعة وأحد رواد الأدب واللغة. كنا نستمتع بلغته المتدفقة مثل قطعة موسيقية متقنة ونصوصه العذبة التي تفيض بالجمال. وفي السياسة يمثل لجيلي الذي شهد انهيار جدار برلين واستئناف الديمقراطية الأردنية واحدا من الرواد الذين أداروا التحول السياسي الديمقراطي.. كانت السنوات والتجارب التي أعقبت 1989 محطات كبرى تركت آثارا وتفاعلات عميقة في حياتنا ووعينا.اضافة اعلان
لا أحد يقول إن خالد الكركي بلا أخطاء حتى هو نفسه لا يقول ذلك.. إن عبارة “بلا أخطاء” أقرب إلى الذم أو تساوي لم يفعل شيئا. لكني بصراحة لا أعرف عن أخطائه.. وما عرفته ولمسته بوضوح أنه شخصية أدبية وأكاديمية ووطنية من الطراز الأول وأتذكره دائما في مديح حسان للغساسنة وهو بالمناسبة غساني:
الخالِطُونَ فَقِيرَهمْ بِغنيّهِمْ ، والمُنْعِمُونَ على الضّعيفِ المُرْمِلِ
يُغشَوْنَ حتى ما تهِرُّ كلابُهُمْ، لا يسألونَ عنِ السواد المقبلِ
في اليوم الأول لمباشرتي العمل في الجامعة الأردنية في العام 2009 دعاني بهذه المناسبة للعشاء، واستقبلني في بيته (المستأجر) هو وزوجته حفيدة عبد المهدي الشمايلة بحفاوة لا يمكن الزيادة عليها لزائر آخر أيا كان. ورويت للدكتور خالد عندما عرّفني على المدام الشمايلة قصة رواها أبي عندما احتاج إلى وثيقة سفر إلى سورية عام 1937 وكان الشمايلة محافظ عجلون التي كانت تشمل إربد وعجلون وجرش والمفرق.. كانت ورقة معدة تحتاج إلى توقيعه وختمه تمكن حاملها من السفر إلى سورية عبر الطرق ومعابر الحدود. ذهب إليه في بيته في العصر وكان في حديقة بيته يشتغل في زراعة وتسميد الشجر في الحديقة. وألقى ما في الكُفّة التي يحملها على جذع الشجرة وجلس على الأرض ووقع الوثيقة وختمها.. بالطبع كان أبي يذهب عادة بلا جواز سفر كما كان شأن أهل المنطقة، لكنه كان في حاجة هذه المرة إلى وثيقة السفر لأنه سيرفع دعوى في المحاكم السورية لاسترداد فرسه التي سرقت وبيعت في سورية وقد استردها بالفعل.. وتلك قصة تصلح فيلما سينمائيا مدهشا.
صار لنا بفضل إرادة خالد الكركي الصلبة جامعة في العقبة. وربما كانت إمكانيات الجامعة أقل من الطموحات. وهذا حالنا في جميع مؤسسات الدولة، لكن كان لدينا خيال ونية حسنة ورؤية وطنية للإصلاح والتنمية. ومهما قيل عن الخسائر التي تكبدتها الجامعة، فالدولة ليست شركة تهدف إلى الربح، ولو كان الأمر كذلك لأغلقت عشرات التخصصات التي تدرسها الجامعات. إن الربح والخسارة لا يقاس في الدولة بمقياس التاجر، وإنما برؤية صحيحة لما نحب أن نكون عليه ورسالة ملائمة لما يجب أن نفعله لنكون ما نحب، وعلى سبيل المثال فقد كان التعليم الشبكي قبل الثلاثين من آذار الماضي تكاليف بمردود أقلّ، وقد أفشل “الدكاكينون” مشروعات ومنحا خارجية للتشبيك لأجل مخاوف هواجس صغيرة.
إن الذي يمنح الثقة بالجامعات وشهاداتها وخريجيها هم الشخصيات العظيمة الذين يصنعون للجامعة تاريخا وذكريات وسمعة تزيد وربما تضاعف قيمتها. فالجامعات تحيا بذاكرتها. وأظن أن خالد الكركي أحد الثلة الرواد في الأردن الذين نعتز بمعرفتهم. ومشاركتهم الوطن والجامعة الأردنية.. إنني أقول لأبنائي وأحفادي بزهو لقد تخرجت في الجامعة التي تخرج فيها خالد الكركي ثم صار رئيسها، وإنني عملت معه مديرا للدائرة الثقافية ومديرا لمركز تنمية المجتمع المحلي ومديرا لمشروع دار النشر الذي كان يحضر له، لكن لم يتم وانتقل ليشغل منصب وزير التربية والتعليم ثم رئيسا للديوان الملكي.
لا أحد يقول إن خالد الكركي بلا أخطاء حتى هو نفسه لا يقول ذلك.. إن عبارة “بلا أخطاء” أقرب إلى الذم أو تساوي لم يفعل شيئا. لكني بصراحة لا أعرف عن أخطائه.. وما عرفته ولمسته بوضوح أنه شخصية أدبية وأكاديمية ووطنية من الطراز الأول وأتذكره دائما في مديح حسان للغساسنة وهو بالمناسبة غساني:
الخالِطُونَ فَقِيرَهمْ بِغنيّهِمْ ، والمُنْعِمُونَ على الضّعيفِ المُرْمِلِ
يُغشَوْنَ حتى ما تهِرُّ كلابُهُمْ، لا يسألونَ عنِ السواد المقبلِ
في اليوم الأول لمباشرتي العمل في الجامعة الأردنية في العام 2009 دعاني بهذه المناسبة للعشاء، واستقبلني في بيته (المستأجر) هو وزوجته حفيدة عبد المهدي الشمايلة بحفاوة لا يمكن الزيادة عليها لزائر آخر أيا كان. ورويت للدكتور خالد عندما عرّفني على المدام الشمايلة قصة رواها أبي عندما احتاج إلى وثيقة سفر إلى سورية عام 1937 وكان الشمايلة محافظ عجلون التي كانت تشمل إربد وعجلون وجرش والمفرق.. كانت ورقة معدة تحتاج إلى توقيعه وختمه تمكن حاملها من السفر إلى سورية عبر الطرق ومعابر الحدود. ذهب إليه في بيته في العصر وكان في حديقة بيته يشتغل في زراعة وتسميد الشجر في الحديقة. وألقى ما في الكُفّة التي يحملها على جذع الشجرة وجلس على الأرض ووقع الوثيقة وختمها.. بالطبع كان أبي يذهب عادة بلا جواز سفر كما كان شأن أهل المنطقة، لكنه كان في حاجة هذه المرة إلى وثيقة السفر لأنه سيرفع دعوى في المحاكم السورية لاسترداد فرسه التي سرقت وبيعت في سورية وقد استردها بالفعل.. وتلك قصة تصلح فيلما سينمائيا مدهشا.
صار لنا بفضل إرادة خالد الكركي الصلبة جامعة في العقبة. وربما كانت إمكانيات الجامعة أقل من الطموحات. وهذا حالنا في جميع مؤسسات الدولة، لكن كان لدينا خيال ونية حسنة ورؤية وطنية للإصلاح والتنمية. ومهما قيل عن الخسائر التي تكبدتها الجامعة، فالدولة ليست شركة تهدف إلى الربح، ولو كان الأمر كذلك لأغلقت عشرات التخصصات التي تدرسها الجامعات. إن الربح والخسارة لا يقاس في الدولة بمقياس التاجر، وإنما برؤية صحيحة لما نحب أن نكون عليه ورسالة ملائمة لما يجب أن نفعله لنكون ما نحب، وعلى سبيل المثال فقد كان التعليم الشبكي قبل الثلاثين من آذار الماضي تكاليف بمردود أقلّ، وقد أفشل “الدكاكينون” مشروعات ومنحا خارجية للتشبيك لأجل مخاوف هواجس صغيرة.
إن الذي يمنح الثقة بالجامعات وشهاداتها وخريجيها هم الشخصيات العظيمة الذين يصنعون للجامعة تاريخا وذكريات وسمعة تزيد وربما تضاعف قيمتها. فالجامعات تحيا بذاكرتها. وأظن أن خالد الكركي أحد الثلة الرواد في الأردن الذين نعتز بمعرفتهم. ومشاركتهم الوطن والجامعة الأردنية.. إنني أقول لأبنائي وأحفادي بزهو لقد تخرجت في الجامعة التي تخرج فيها خالد الكركي ثم صار رئيسها، وإنني عملت معه مديرا للدائرة الثقافية ومديرا لمركز تنمية المجتمع المحلي ومديرا لمشروع دار النشر الذي كان يحضر له، لكن لم يتم وانتقل ليشغل منصب وزير التربية والتعليم ثم رئيسا للديوان الملكي.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي