الجمعة 26-04-2024
الوكيل الاخباري
 

كلّه كذب في كذب



 
ما زلتُ أتذكّر حينما كان يعرض التلفزيون حلقة واحدة كل أسبوع من أي مسلسل عربي ..ومع ذلك كنّا ننتظر اليوم على أحر من الجمر ..وحين يأتي اليوم كنّا نرى الساعات بطيئة جداً لحين مجيء ساعة المسلسل ..كنّا نلغي كل المواعيد الخارجية ..بل تتجمع عائلات بأكملها على التلفزيون الأبيض والأسود الذي يشتغل على بطاريات ..وحين يبدأ المسلسل ولا نفس تسمعه..! لم تكن الدعايات تعلن عن نفسها بهذه الفجاجة ..و لم يكن المسلسل ناضجاً كنضوج اليوم ؛ سواء من أداء أو تصوير أو أماكن ..أو كل شيء ..لكنه كان جهداً جباراً ..يتعامل الناس مع شخوص المسلسل باعتبارهم يفعلون ذلك حقيقة ..فالشرير مكروه و الدرويش أهبل مسكين ..اضافة اعلان


اليوم ..يعرضون لك المسلسل و يعيدون الحلقة ثلاث مرات في اليوم ..ويترجونك و يترجون أهلك على أن تتابع ..ويضعون لك المغريات كافة .. ويقطعون الحلقة أربع مرات بدعايات موجهة لفقرك و حرمانك ..و تصوير بروفشنال ..و أماكن ساحرة ..و تشليح و مُزز و حب محرّم و غيرو وغيراتو ..ومع ذلك تبقى وأنت تشاهد نصف الحلقة وأقل تثرثر مع كل من حولك ..ولا تلغي موعداً ولا تجتمع العائلة ..وقناعتك أنه (كذب في كذب) ..!

قد يكون الزمن تغيّر كما يقولون إلى درجة أنك أنت ما عدتَ أنت ..ولكن لو طبّقنا نفس ما يجري على المسلسل ..على ما يجري ..كان يومها مدير المدرسة له هيبة ..و الوزير لا تراه إلا بالأحلام ..أما اليوم فلو قلت لأي كان : كنت بالأمس عند معالي فلان ...لما عدّ ذلك من الشيء المهم و الكبير ..فأينما التفت وجدتَ أمامك و خلفك و فوقك و تحتك ؛ مسؤولاً .!

أنت محاط بل محاصر بالمسؤولين ..فلماذا إذن كل هذا العذاب ..مش الجار للجار ..؟؟!