الثلاثاء 30-04-2024
الوكيل الاخباري
 

لو ما انقهر ما كان بكى..!.



«كلها بتصيح».. تعبير سمعناه منذ كنا أطفالا، لوصف حالة قوم يعيشون ظروفا يومية صعبة، ولا أحد يمكنه تجاهل ظروف كثير من الناس في بلدنا، «كلها بتصيح».. وأنا أولهم، لكنني لم أقف باعتصام «قدام اللي يسوى واللي ما يسوى»، ويصوروني الناس، وأصيح.. لكن كثيرين يفعلونها، وهذا حقهم في التعبير والاعتراض بلا شك.اضافة اعلان


أمس؛ كنت أقلب «هالفيسبوك»، فإذا بفيديو يظهر فيه شاب، يقف بين مجموعة، وبناء على «اليافطات» التي يحملها بعض الواقفين مع الشاب، بدا الأمر وكأنه اعتصام، وفهمت بأنه اعتصام أمام مجلس النواب!!.. وذلك من سياق الحديث والشكوى التي «يصيح بها الشاب»، ولم أفهم الموضوع فعلا، فالفيديو لم يشتمل على حديث حول المطالب التي يسعى المعتصمون لتحقيقها، لكنني أعتقد بأن الشركات التي تستأثر بجزء من مجهودات الشاب وزملائه هي شركات مسؤولة عن تطبيقات ذكية تدير عمليات نقل ركاب، فهم إذا أصحاب وسائقو « تكسي» نقل ركاب، لكنه ليس التاكسي الأصفر المعروف..

يقول الشاب في شكواه ( والله يابو حسين احنا ما بطلع النا اشي، هذول الشركات بيوخذوا 31%، الحكومة بتوخذ ضرايب، وبندفع ثمن بنزين، والله ماحنا قادرين نطعمي اولادنا.. مشان الله، احنا اولادك يابو حسين، والله ما طلعنا الا بعد ما خربت حياتنا.. حلها، احنا ولادك يا بو حسين).

وظهر في آخر الفيديو شخص يعلق على شكوى زميله قائلا: (لولا ما انقهر كان ما «عيّط» ونزلوا دموعه)..!.

لا أريد أن أتحدث عن موضوع لم أفهمه، وغالبية الفيديوهات التي يتم نشرها وبثها عبر السوشال ميديا تعاني غموضا، ولا تصلح للتداول الصحفي «المهني» المسؤول، لكن؛ وبما أن «كلها بتصيح»، يتم استخدام هذه الفيديوهات من قبلهم واعتماد معلوماتها، ويقوموا بتطويرها وتركيبها حسب شكواهم وحسب أغراضهم.. انا قلت بأنني لن أتحدث عن موضوع الاعتصام فلا معلومات لدي عن المعتصمين، ولا متى جرى هذا الاعتصام، لكنني أريد التوقف عند «أبو حسين»، الذي تجري مخاطبته في كثير من الاعتصامات والفيديوهات والتعليقات هنا أو هناك، متى يتوقف الناس عن مثل هذه النداءات والتعليقات، وتحميل «أبو حسين» كل إخفاقات ومشاكل الدنيا؟!

متى نتعلم أصول الاعتراض ومنطقية الطلب وقانونيته؟ ومتى نتخلى عن طلب الفزعات والاستناد إليها في تحصيل ما نعتقده حقوقنا؟.

هل حقا يقتنع هؤلاء الغلابى بأن جلالة الملك يدير مسؤولياته بهذه الطريقة ؟.. أعني وفق تقديراته ومشاعره، ولا يستند إلى قانون ولا يطلب توضيحات من المسؤولين المعنيين حول القضايا المطلبية التي يثيرها الناس؟ طبعا سأجد ألف مريض، لا يعرف قانونا ولا منطقا ولا يجيد سلوكا ديمقراطيا، ولا حتى يدرك أو مارس يوما أدبيات وأخلاقيات الحوار، لكن الحقيقة هي القانون، والحق يحميه القانون، والعدل كذلك، لا يتحقق الا بسيادة القانون، وليس بثقافة وسيادة الفزعات ورفع الصوت، حتى التحدث عن الذين سرقوا و»خانوا» مسؤولياتهم، فهو حديث جدير بنا أن نوجهه لأنفسنا ولكل من عرفناهم من «قرايبنا ومعارفنا وأصدقائنا».. فهم الذين سرقوا وفسدوا، او اجتهدو او كانوا موظفين غير مناسبين في مواقع مسؤولية، فتعاملوا بالواسطات والمحسوبيات، وفشلوا في مهماتهم، فأفشلو توجهات الدولة، وباءت أيدينا بمثل هذه الظروف.

كل ثقافتنا فساد في فساد، ولن يصلح حالنا ما دمنا نقفز عن هذه الحقيقة.. وصيحوا لما تتعبوا.