الخميس 25-04-2024
الوكيل الاخباري
 

مشروع الدولة!



بمنتهى الوضوح وضع جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين أمام مجلس الوزراء عددا من النقاط، أو الإشارات على طريق المشروع الوطني الكبير للدولة الأردنية، المتمثل في المنظومات الثلاث – السياسية والاقتصادية والإدارية – ذلك من أجل التأكيد على نقطة انطلاق إستراتيجية، تعتمد على مبدأ التقدم إلى الأمام، ولا مجال فيها للتراخي أو التراجع أو التأجيل.اضافة اعلان


استقرار الدولة وثباتها هو القاعدة التي يبني عليها كل شيء، ودلالات هذا الاستقرار ضمن قياسات الإقليم المضطرب، أو بدونها، يعكس قدرة الدولة على التقدم إلى الأمام، أما الثقة بالنفس فهي أمر مهم للغاية يعزز لدى الدولة ومؤسساتها العامة والخاصة ولدى مواطنيها الأمل في تجاوز الصعاب والتحديات، والمضي قدما نحو مسيرة الإصلاح بأبعادها ومجالاتها المختلفة.

ثلاثة مسارات متوازية يضعها جلالة الملك تحت عنوان (مشروع الدولة) الذي يتوافق مع طموحات المجتمع وآماله ومستقبل أجاله، وتلك الثلاثية القائمة على توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في رسم السياسات واتخاذ القرارات، وعلى إستراتيجية اقتصادية متكاملة، وعلى تطوير إداري يحاكي شؤون الناس ومعاملاتهم وقضاياهم، تصب في مفهوم الدولة الحديثة التي تنتقل إلى مئوية ثانية من عمرها، رغم الظروف غير العادية التي يمر فيها العالم، حيث التوازنات الإقليمية والدولية مختلة ومضطربة، والنظام الاقتصادي والمالي يبعث على القلق، وأزمات المناخ والطاقة والغذاء تراوح في مكانها!

نحن جزء من هذا العالم، ومن الإقليم الذي لا يستقر على حال، وهنا تبرز النقطة المهمة التي اشار إليها جلالة الملك بشأن العلاقة بين استقرار الدولة وبيئتها الاستثمارية وما يتوجب على المؤسسات ذات العلاقة من واجبات لتعزيز ثقة المستثمر من ناحية، وما سيحصل عليه من عائدات من ناحية ثانية، فتبادل المصالح في مجالات الاستثمار أمر يقوم على الموضوعية أولا وأخيرا.

ضمن هذه النظرة الاستراتيجية حدد جلالة الملك إطارا واضح المعالم من أجل ضمان جدية العمل ومستوى الأداء، فألزم الحكومة برفع تقرير كل ثلاثة أشهر على الأقل لسير العمل في البرنامج التنفيذي للرؤية الاقتصادية، وربط جلالته العلاقة بين عمليات التنفيذ وتقييم أداء الوزارات والمؤسسات تأكيدا على المسؤولية التي يتوجب حملها، فإذا كان هناك من يرى أنه غير قادر على حملها فعليه الانسحاب، وبذلك يؤكد جلالته على مبدأ التشاركية في تحمل المسؤولية وفي النتائج والمخرجات.

من دون أن يدرك المواطن تلك الحيوية سيظل الاهتمام محدودا في نطاق نظري، لا يلمسه ولا يشعر بأثره بقدر ما يسمع عنه في نشرات الأخبار، لذلك رسم جلالة الملك الإشارة للحكومة كي تتواصل مع المواطنين ليشعروا بأنهم شركاء، ولتكسب ثقتهم بأنها قائمة على مشروع الدولة بجد والتزام واخلاص، وليروا حجم الانجاز في الميدان، مشيرا إلى حق وسائل الإعلام بالحصول على المعلومة، وإلى أهمية التواصل المستمر معها للحد من الأخبار الزائفة والإشاعات.

لا مجال أمام الحكومة إلا أن تلتقط تلك الإشارات الواضحة، فهي من صميم خطاب العرش السامي الذي افتتح به جلالة الملك الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة لتكون مضامينه المنهج والخطة، فأي وضوح يفوق هذا الوضوح في الرؤية لكل من يريد أن يرى أو يستشرف مستقبل الأردن، ذلك المستقبل الذي يساهم في صنعه كل أردني في نطاق دولة القانون والمؤسسات ومشروعها الوطني الطموح!