الأربعاء 24-04-2024
الوكيل الاخباري
 

ولي العهد في قمة الجزائر: التبشير بالمستقبل



في كلمته أمام القمة العربية في الجزائر، بدا سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، متطلعا نحو الأمام، إلى المناطق التي لا بد من الوصول إليها في العمل العربي المشترك، والذي يبدو أنه الكلمة السحرية لما تعانيه منطقتنا اليوم من تحديات هائلة في العديد من الملفات.اضافة اعلان


تداعيات جائحة كورونا والأزمة الأوكرانية، ومديونيات البلدان، وتباطؤ النمو الاقتصادي، وارتفاع كلف الطاقة والغذاء، جميعها تحديات رأى سموه بأنها تهدد استقرار الدول وأمنها المجتمعي، ما يفرض تعاملا مختلفا معها، يبدأ بترسيخ التعاون العربي، والاستفادة من التنوع الجغرافي الهائل الذي تتمتع بها منطقتنا، وأيضا من الموارد الطبيعية والاتفاقيات العربية مع العالم.

في كلمة الأردن، التي ألقاها سموه، بدا واضحا الخط الذي تسير به السياسة الأردنية التي تنطلق من ثوابت راسخة، ترى في العمل العربي المشترك أساسا للأمن بجميع أشكاله، خصوصا أن أمن الغذاء اليوم يواجه تهديدا حقيقيا بفعل الحرب الروسية الأوكرانية، والتي أثرت بشكل حاد في سلاسل التوريد، وهددت بلدانا كثيرة.

سموه، شدد على أن تعزيز التعاون العربي ليس خيارا اليوم، بل هو ضرورة ملحة من أجل البقاء في عالم بات شديد الخطورة على البلدان الضعيفة والهشة، ويهدد وجودها الفعلي، بينما تستطيع البلدان العربية أن تمتلك خياراتها في الوجود، وأن تكون مؤثرة ضمن المنظومة العالمية، سواء في ملف الطاقة أو الغذاء، وبالتالي تحسين تأثيرها السياسي في القرار العالمي.

ولم يغفل سمو ولي العهد عن تحديد الأدوات التي يمكن العمل من خلالها على تأمين هذا المسار، والذي يمكن تحقيقه من خلال “شبكات تعاون اقتصادية عربية حقيقية وفعالة”، تكون قادرة على أن تضع البلدان العربية على خريطة الاقتصاد العالمي، وهذه الشبكات تشمل كل ما من شأنه تعزيز أمن الغذاء والطاقة والمياه، إضافة إلى تعزيز التعاون في مجال التجارة والاستثمار والصناعة والسياحة.

في مجمل كلمته أمام القمة العربية، كان سمو ولي العهد ينظر إلى الأمام وإلى المستقبل، ويذكر بسبل القوة التي تمتلكها البلدان العربية لكي تغادر منطقة الهشاشة والخطر، نحو النهضة الاقتصادية، التي تصنع مستقبلا آمنا ومزدهرا للشعوب العربية.

المستقبل الذي يتحدث عنه سموه هنا، هو ما يتعلق بملايين الشباب العربي الذي لا بد من تأمين مستقبل واعد له، يضمن وجود فرص عمل تطلق الإمكانات الهائلة التي يختزنها الجيل الجديد، ويسعى إلى فرصة حقيقية للتعبير عنها. سموه يرى أن هذه الأجيال هي القادرة فعلا على أن تسهم في البناء، وأن تكون “قوة مؤثرة لتحقيق السلام والتنمية المستدامة، لما فيه الخير لمنطقتنا وعالمنا”.

ولأنها كلمة الأردن، ولأنها تعبر عن ثوابتنا الراسخة، لذلك لم ينسَ سموه التذكير بالقضية الأساسية والمحورية في المنطقة، وهي القضية الفلسطينية التي ينبغي أن تصل إلى شاطئ أمان بعد عقود من الصراع، وهذا لا يكون إلا من خلال قيام الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة والقابلة للحياة، على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مذكرا بواجب الدول العربية بتفعيل قنواتها الدبلوماسية للوصول إلى السلام العادل والشامل الذي يضمن ذلك. وكذلك وضع مدينة القدس، والتأكيد على أن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها، مستمرة، وأن الأردن سيظل على الدوام قائما بدوره التاريخي في حماية المقدسات ورعايتها.

لقد كانت مشاركة سموه في هذه القمة حاملة لدلالات عديدة، ولكن أهمها أن مثل الأردن والسياسة الوطنية التي تمنح أولوية قصوى للقضايا العربية والعمل المشترك، أما القضية الثانية، فقد تأتت من تمثيل سموه للشباب العربي الطامح بدور حقيقي في تقدم بلدانه وتطورها. فسموه شاب عربي يدرك تماما كيف يمكن أن يكون هذا الجيل مبدعا ومبتكرا وأساسا في التقدم نحو المستقبل الذي نريده!