الوكيل الإخباري- عمر دراغمة هو شيخ فلسطيني عُرف بانتمائه لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ورفضه الاحتلال بكل أدواته وأشكاله، كما عرف بصلابة موقفه في حب أرض فلسطين والدفاع عنها، ورفض أي حل سوى "البندقية" لتحريرها.
في مدينة طوباس شمال الضفة قضى مراحله التعليمية الأساسية، قبل أن ينتقل لإكمال دراسته الثانوية في القسم المهني في نابلس، ومن ثم دراسته الجامعية بمدينة الخليل جنوب الضفة الغربية.
ورغم نضاله المستمر ضد الاحتلال ودفعه ضريبة مواقفه الشخصية والفكرية، باعتقاله هو وأبنائه الثلاثة مرات عدة، واقتحامات الاحتلال المتكررة لمنزله؛ فإن صيته ذاع أكثر بعد استشهاده، ولا سيما بعد أن سُجِّل اسمه في رأس قائمة الشهداء الأسرى، أول أسير شهيد في حرب "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
الولادة والنشأة
ولد الشيخ عمر دراغمة -أو "أبو النمر" كما يكنى- في مدينة طوباس شمال الضفة الغربية في 24 أغسطس/آب 1965، ونشأ وترعرع في أسرة متدينة ملأت حياتها بالنضال والتضحية.
وفي طوباس تلقى تعليمه الأساسي، وعمل وهو صغير كحال أي شاب هناك في الزراعة، إذ تعدّ طوباس البوابة الغربية للأغوار الشمالية الفلسطينية.
ومنذ صغره عُرف بجسارته وطيبة قلبه وحبه بين الناس، وهي صفات أسهمت بصقل شخصيته مستقبلا، ليكون مؤثرا بين معارفه وأهل بلده، فانشغل في الإصلاح وخدمة الجماهير.
وفي 5 فبراير/شباط 1990 تزوج عمر من ابنة عمه، ومنها أنجب 5 من الأولاد: 3 شبان هم: نمر وحمزة ومحمد رسول، وابنتين.
الدراسة والتكوين العلمي
بعد إنهائه الصف العاشر انتقل إلى المدرسة الصناعية في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، وفيها حصل على شهادة الثانوية العامة بالفرع الصناعي بمعدل 74%.
أهَّله ذلك ليلتحق بجامعة "بولتكنك فلسطين" في مدينة الخليل جنوب الضفة، وفيها درس وتخرج حاملا شهادته في هندسة العمارة في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 1986.
اكتسب عمر دراغمة ثقافة واسعة من متابعاته الشخصية، وتأثر بفكر المقاومة بشكل عام دون أن يتبع شيخا بعينه يتتلمذ على يديه، فكان محبا للقرآن ويحافظ على ورد له فيه، وتعلّق أكثر بدينه فلزم مساجد مدينته، خاصة "مسجد الشهيد" قرب منزله، وحرص على الصلاة فيه بكل أوقاتها.
التجربة السياسية والعملية
تأثر عمر دراغمة بالأحزاب السياسية، فانتمى بداية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، لكنه لم ينشط بها، ولم يجنبه ذلك اعتقال الاحتلال الإسرائيلي له 4 مرات في الفترة بين (1987-1991)، وقضى نحو سنتين في الاعتقال الإداري، وبقي ملف اعتقاله سريا دون تهمة محددة.
وفي 5 مايو/أيار 1991 اعتقل الاحتلال ابن عمه عقاب نمر دراغمة، بعد إصابته برصاص الجيش الإسرائيلي، ليعلن استشهاده بعد 11 يوما في ظروف تتشابه تماما مع استشهاد عمر دراغمة بعد ذلك.
وسرعان ما تأثر عمر بشكل أكبر وأعمق بجماعة الإخوان المسلمين، وتعرف إلى مجموعة من الشباب فيها، ثم أعلن فيما بعد انضمامه لحركة حماس يوم 5 أبريل/نيسان 2002، حيث استشهد في ذلك اليوم شقيقه أشرف دراغمة، بعد أن قصفت طائرات "إف 16" الإسرائيلية وبالصواريخ خلية لكتائب القسام (الجناح العسكرية لحركة حماس) في مدينته طوباس.
وانتقل لاحقا ليصبح أحد قيادات حركة حماس، وتبدأ سلسلة استهدافه وعائلته من الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة الأمن الفلسطينية على حد سواء، فاعتقل وأبناؤه الثلاثة، واستدعوا للتحقيق مرات عدة.
وفي 2018 وبعد نحو 3 عقود من اعتقاله الأخير اعتقل دراغمة ثانية، وحكم بالسجن الإداري 4 أشهر، وكان اعتقاله الأخير في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث دهم الاحتلال منزله في طوباس، واعتقله ونجله حمزة.
بدا عمر دراغمة منذ التحاقه بحركة حماس أكثر ميلا للعمل المقاوم المسلح، وكان يردد مقولته، "ما دامت البندقية بيد من يخاف الله، ويقاتل في سبيل الله فأنا معه، وإذا ما تخلّت حماس عن البندقية فسأتركها"، لكنه كان يقول -أيضا-، إن حماس خير من حافظ على هذه البندقية.
الوظائف والمسؤوليات
لم يعمل الشيخ عمر دراغمة بتخصصه الجامعي في هندسة العمارة، ولم يتقلد منصبا رسميا أو يثبت في وظيفة حكومية، خاصة في عهد السلطة الفلسطينية، وانطلق بعد تخرجه للعمل داخل الخط الأخضر سعيا في تكوين نفسه وبناء أسرته.
ثم ما لبث أن التحق بالعمل في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (يو إن دي بي) لـ5 سنوات، قبل أن يُقال بسبب انتمائه لحركة حماس، ولكنه لم يأبه لذلك واختار أن يكون حرا في عمله، فأسس بقالة تعيله وأسرته.
وبعد فوز حماس في انتخابات المجلس التشريعي في 2006 توظف في وزارة الحكم المحلي بطوباس، لكن ذلك لم يستمر طويلا، إذ أُقيل مثل غيره ممن عيّنتهم الحكومة آنذاك، وأُقيل بعد أحداث الانقسام في 4 يونيو/حزيران 2007.
واشتغل تاجرا لفترة من الزمن قبل أن يعود لعمله في الزراعة الذي بدأه منذ نعومة أظفاره، إلى أن اعتقله الاحتلال وأنهى حياته.
واختار العمل العام، فرشَّح نفسه مرتين لانتخابات المجلس البلدي في طوباس ضمن قوائم لحركة حماس، إحداهما تعثر إجراؤها، والأخرى لم يحالفه النجاح فيها، لكنه واصل دوره في العمل المجتمعي والأهلي.
اغتياله
في 9 من أكتوبر/تشرين الأول 2023 اعتُقل الشيخ عمر دراغمة برفقة نجله حمزة من منزله، بعد أن اقتحمه جنود إسرائيليون، وخلعوا بوابته الرئيسة.
وبعد أسبوعين فقط من اعتقاله وفي 23 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أُعلن استشهاده داخل سجن مجدو شمال فلسطين المحتلة، في عملية "اغتيال" نتجت عن التعذيب المبرح، كما قالت حركة حماس ومؤسسات فلسطينية تُعنى بشؤون الأسرى.
-
أخبار متعلقة
-
23 شهيدا جراء قصف الاحتلال خانيونس والنصيرات
-
ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين الفلسطينيين في غزة إلى 196
-
الاحتلال يعتقل شابين شرق بيت لحم
-
إعلام إسرائيلي: انهيار السلطة الفلسطينية قد يحدث بسرعة
-
الاحتلال يرتكب 5 مجازر في غزة خلال 24 ساعة
-
15شهيدا بمجزرة جديدة للاحتلال في بيت حانون
-
مستوطنون متطرفون يقتحمون الأقصى بحراسة مشددة من شرطة الاحتلال
-
تطورات صفقة تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل