الوكيل الاخباري - يلتزم غازي خطَّاب بمساحة 160 مترًا على ناصية طريق الملك حسين بوسط البلد عمَّان، يجمع "آرمات" من سكن المباني فيها، ويوثِّق تاريخًا قديمًا لكلِّ من مرَّوا بها، وتركوا أثرًا لا يُنسى، ويكمل نصف قرن من الزَّمان، لا يريد منها إلا أن يبين عمَّان وإرثها العروبي الجامع.
أول متحف للآرمات القديمة في العالم، وصلت إلى الف آرمة وبشهادة زوار عرب، وقالوا إنَّهم قاموا بزيارة أكثر من 160 دولة حول العالم، وتعرفوا على متاحفها ولكنهم لم يجدوا مثل هذا النموذج من المتاحف إلا في الأردن، وتبين لهم أنَّ هذا المتحف يحمل رسائل جميلة توثِّق لحضارة المدينة وكم مرَّ عليها من العرب سكنوها واستثمروا فيها وتركوا إرثا كبيرا وعظيما.
يقول غازي، إنَّه درس في ألمانيا قبل نحو نصف قرن من الزمان التصميم والرَّسم، وعاد الى الأردن وبدأ عمله، لكنه منذ ذلك التَّاريخ وهو يهوى جمع الآرمات القديمة، حيث تنبأ بأنَّها ستكون شاهدا على تاريخ المدينة الكبير فلم تكن الا مدينة استثنائية بما حوته من تنوع انساني عظيم من البشر.
ويضيف إنَّ أول آرمة حصل عليها وما زالت بنفس روحها التي كتبت بها كانت عام 1949 أي وصل عمرها اليوم إلى 73 عامًا، وتشير إلى المخزن الملكي الهاشمي وتشير إلى قصته وتفاصيل ذاك الزمن الذي مرَّ من هنا وما زال حتى الآن.
وعن فكرة جمع اللوحات يذكر غازي بأنَّ أصدقاء له قالوا له إنَّ لوحة جميلة تمَّ تعليقها في الحي الذي يسكنه فنزل والتقط تحتها صورة يوم 20 حزيران عام 1980، أي قبل أربعين عاما، ومنذ ذلك اليوم وهذه الآرمات تشكل له شيئا عظيما وكبيرًا.
تتجول بين اللوحات القديمة فتجد أسماء أصحابها ومحلاتهم ومكاتبهم وعياداتهم ومطاعمهم، وقد وجد غازي منذ نعومة أظفاره أن يجمعها ويحفظها عندما يغادر أصحابها أو يتركوها، فاختار أن يحفظها وأن لا يصبح مصيرها مكب النّفايات، فهي تاريخ من الجمال ومرحلة تخلِّد تاريخ العمَّانيين.
لأول مرة يجد الأردني كل هذا الجمال في أنَّ لوحة مهشمة وبالية واعتلاها الصدّأ وتعرضت لكل تقلبات السنين وشوهتها الأيام ويختار لها غازي مكانًا آمنا وجميلا يحنو عليها ويرمِّم بعضها ويترك البعض الآخر بكل تفاصيلها لتكون دليلا على من سكن هذه العاصمة عبر تاريخها الموغل بالتَّاريخ.
ويروي كيف أنَّ هذا المعرض يعيد هذا الجيل إلى زمن لم يشاهدوا تفاصيله يوما ما، وكل لوحة تعلم الزائر درسا في الخط وأنواعه كالرقعة والنسخ والفارسي والديواني بإشراف معلمي اللغة العربية الكبار الذين مروا على عمان وأصبحوا من أشهر الخطَّاطين في الأردن.
ويقول غازي إن إحدى اللوحات رافقت وزير الصحة الأسبق الدكتور زيد حمزة لقرابة ستين عاما، ولوحات أخرى توثق لأقدم خطَّاطي عمان عاصمة الإمارة وهم أنطوان باسيل الذي اشتهر برسم اللوحات في مأدبا وعمان، وأحمد كرد علي القادم من بلاد الشَّام، وأدركاني الإيراني الأصل القادم من حيفا الفلسطينية وكان أجملهم خطا، والخطاط سبانخ الذي نزح من يافا الفلسطينية بعد النكبة وبدأ في عمان نمطا جديدا من صناعة الآرمات التي يقول عنها غازي إنها واصلت التقدم والتحديث وواكبت عصر التكنولوجيا والتحديث وازدادت جمالا.
ويشرح تاريخ كل لوحة، ومن بينها لوحة مكتوب عليها مدرسة الأردن الثانوية للبنات والتي تأسست عام 1966 للميلاد، وتعيد الجيل الى مرحلة الدراسة التي كانت تسمى الإعدادية والثانوية والتوجيهي الأردني والمصري العلمي والأدبي، وفترات الدراسة النهارية والمسائية ورقم الهاتف الذي كان 38977 أي من خمس خانات وصندوق البريد الذي كان رقمه 1864.
ويقول إن لوحة مكتوب عليها "اجواخ كوبونات نوفوتيه"، والتي تبين كيف كانت الأقمشة الثمينة تشترى ويطلق عليها اسم كوبونات ولا يتجاوز حجمها الأمتار الثلاثة حيث يهتم صاحبها بعدم زيادة أي شيء منها بعد التفصيل حتى لا يرتدي من هذا اللون الا من اشتراها ولبسها.
ويقول غازي عن لوحة "مالفاتورة وقبان عبد الحميد محمد البرغلي" إنّه أشهر من كتب بالفرشاة ويخاف من الموت، وقد زار المعرض أحد معارفه وعلق عليها بخط يده وألصقها باللوحة المعروضة عنده فهي تذكر الزائرين بتاريخ كبير وقديم جدا.
ويبين أن إحدى الفتيات زارت معرضه في شهر آب قبل عامين وكتبت له: " في اللحظة التي دخلت فيها هذا المكان استقبلتني شخصيات لم أقابلها في حياتي ولكنها قالت لي كل شيء وسارت معي في كل الزوايا وأصواتها تلاحقني بقصص لم أعشها لكنها مسَّتني ولامست روحي، فهذا المكان ينطق فتحلى بالإنصات وأنت تدخله"، وعادت بعد عام ونصف وكتبت مرة أخرى: "أتيت أبحث عن بعض نفسي التي تركتها في زيارتي السابقة غادرت بعد أن تركت بعضا آخر"، مؤكدا أن هذا الحديث لا تعادله كنوز الدنيا هنا في هذا المكان.
ويلفت إلى أنَّ زائرا سعوديا زار متحف "آرمات عمَّان" قبل سنوات قال له إنه زار 160 بلدا حول العالم وتجول في كل متاحفها لكنه لم يجد هذا النوع من المتاحف وإنه تجربة فريدة وتوثيق من نوع راقي لتاريخ المدن العريقة مثل عمَّان.
وبحثت عن كلمة آرمة والتي لا تبدو فصيحة حتى لو لفظناها بالقاف أي "آرمة"، وليست موجودة في معاجم اللغة، كما كلمة اليافطة المستعملة في دول عربية والتي ليست على ما يبدو لها صلة بالمعنى، أما كلمة "لافتة" فهي أقربها جميعا إلى العربية السليمة كما يقول لغويون.
بترا
-
أخبار متعلقة
-
اجتماعات العقبة حول سوريا تختتم أعمالها
-
7 ملايين يورو منحة كورية لتحسين التزويد المائي بقضاء المصطبة في جرش
-
الصفدي يبحث مع الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية سبل تعزيز الشراكة الأردنية الأوروبية
-
الترخيص المتنقل بالأزرق من الأحد إلى الثلاثاء
-
الحكومة تعلن عن عطلتين رسميتين بمناسبة عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية
-
قرار حكومي بشأن إجازة الامومة للقطاع الخاص في الاردن
-
مجلس الوزراء يقرر إحالة مدير عام دائرة الجمارك جلال القضاة إلى التقاعد
-
قرارات هامة صادرة عن مجلس الوزراء السبت