الأحد 2024-12-15 07:36 م
 

أرقام مؤرقة.. كيف نتجاوز التحدي؟

05:14 م
الأرقام التي كشفها استطلاع الرأي لمركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية أمس، يمكن اعتبارها “مؤرقة”، و”غير مبشرة”، فهذه الأرقام، ورغم أنني أعتقد أنها تحتاج إلى وقفة بخصوص المنهج الدي اتبعه الاستطلاع، وأفرزها نظرا لعدم منطقية بعضها، إلا أن تزامنها مع خوضنا تجربة مشروع التحديث السياسي الذي تراهن عليه الدولة وتسعى جاهدة إلى تحقيقه، يضعنا أمام أزمة حقيقية، يفترض بمؤسسات الدولة جميعها التوقف عندها طويلا!اضافة اعلان


17 % من الشباب، فقط، يثقون بالأحزاب السياسية، وهي نسبة متدنية جدا، خصوصا إذا فحصنا جيدا محاولات الدولة تسهيل الانخراط بالتجارب الحزبية لهذه الفئة عبر قانون أحزاب يوفر لهم أرضية خصبة للانخراط في العملية السياسية، وصولا لأن يكونوا جزءا من مشروع الحكومة البرلمانية، ونظام يسهل لهم ممارسة حياتهم السياسية في الجامعات، مع ضمانات بعدم ملاحقتهم جراء ذلك في دراستهم وأعمالهم المستقبلية، وعدم محاسبتهم على توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية، إضافة إلى الجهود الكبيرة ومئات اللقاءات التي نظمتها أحزاب؛ جديدة وقديمة، من أجل شرح الحقبة الجديدة التي تدخلها الممارسة السياسية في الأردن، ودور الشباب فيها.

الأرقام تقول، أيضا، إن 23 % منهم فقط يثقون بمجلس النواب، أما بخصوص الأردنيين بشكل عام، فيقول 4 % منهم، فقط، إنهم سمعوا عن الأحزاب الجديدة التي تم تأسيسها. هذه الأحزاب في الواقع لم تترك ساحة في المملكة إلا وزارتها لتقديم نفسها واستقطاب قطاعات متعددة، بيد أن حراكها، على ما يبدو، لم يحقق غايته، أو لم يكن مقنعا، سواء من حيث الفكرة أو الطرح.

اليوم، تقف الأحزاب أمام هذه الحقيقة، وعليها أن تعيد النظر في إستراتيجيات انخراطها في المجتمع، خصوصا أن الاستطلاع يكشف عن أن 1 % من الأردنيين يفكرون في الانضمام إلى الأحزاب الحالية!

ومع ذلك؛ هل تتحمل الأحزاب، وحدها، مسؤولية هذه الأرقام، أم هناك مسببات أخرى تلعب دورا محوريا في هذا الإطار؟
يمكن القول إن المعادلة مركبة، وإن الأسباب تتشابك وتتشعب، فحتى اليوم ربما لم ننجح في تقديم رواية مفصلة ومتماسكة للناس بشأن مشروع التحديث السياسي الذي قوامه هذه الأحزاب، ولم نتمكن من مخاطبة المواطنين بلغة بسيطة وواضحة بخصوص أهمية الإيمان بهذه الأحزاب وضرورة الانضمام إليها إذا ما أراد الأردنيون أن يؤسسوا لمرحلة تكون فيها السلطتان؛ التنفيذية والتشريعية قائمتين على برامج وإستراتيجيات يمكن محاسبتهما عليها شعبيا. أقول ربما.

كيف يمكن إقناع المواطنين بأن يكونوا شركاء في الوصول إلى هذه المرحلة؟ هذا هو التحدي الأكبر الذي يواجه مشروع التحديث السياسي، والعمل عليه يجب أن يكون أولوية، خصوصا أننا أمام انتخابات نيابية مقبلة قوامها الحراك الحزبي، أي أننا لا نملك ترف إضاعة مزيد من الوقت إذا ما أردنا المضي قدما في هذا المشروع لإنجاحه، والتأثير إيجابيا في حياة المواطن.

لنفكر في إطلاق باكورة اجتماعات عصف ذهني رسمية لتحليل هذه الأرقام والوقوف على مدى مطابقتها للواقع، ودراسة أسباب عدم اكتراث الناس بالانضمام إلى الأحزاب السياسية وغياب الثقة بها، ووضع خريطة طريق لتجاوز التحديات التي تعترض مشروع التحديث السياسي برمته.

قبل ذلك، لا بد من طرح حلول عملية لأبرز المشاكل المرتبطة باللامبالاة والسلبية التي يبديها المواطن اليوم، وعلى رأسها الأوضاع الاقتصادية التي تؤثر على سلوك الأردنيين وانطباعاتهم وقراراتهم وتفاعلهم.

لنجرب ذلك، وأن نضع أنفسنا في ثوب المواطن، ونحاول معرفة كيف يفكر، وما هي أولوياته. لعلنا حينها نكون قد وضعنا قدمنا على بداية الحلول.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة