في مقالي السابق بعنون «الحلقة المفقودة» أشرت إلى غياب توقعات أو قياسات يعتد بها لدى المؤسسات الدولية في تحليل واقع الاقتصاد الدولي، ومستقبل العالم، بسبب عدم قدرتها على استشراف منحى الصراعات والأزمات القائمة حاليا، وأثرها على الدول، وتساءلت عن توقعاتنا نحن في الأردن في ضوء هذا الوضع الآخذ في التعقيد على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
نحن اليوم أمام تطور غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية، والحديث عن أزمة الطاقة والغذاء يحتل الصدارة في كل مكان، في وقت لا تتردد فيه بعض الدول الفاعلة في هذا المجال من أن تعلن ما معناه «أنا ومن بعدي الطوفان» وإن كانت دول أخرى تعتقد بأن التعاون والشراكة بين الدول في نطاق جغرافي متواصل أو متجاور من شأنه أن يمنع وقوع الطوفان من حيث المبدأ!
التعاون العربي الذي تعزز مؤخرا بيننا وبين مصر والإمارات العربية المتحدة من خلال مشروعات استثمارية في مجالات الطاقة والصناعة والزراعة وغيرها يمكن اعتباره تطبيقا عمليا لفكرة التعاون في النطاق الإقليمي، وإذا ما تم التعامل بجدية مع خيار من هذا النوع، بالتوازي مع الشراكة القائمة مع العراق ومصر فإن الأردن قادر على أن يفيد ويستفيد كبقية الشركاء.
المهم هو كيف يرسم كل طرف أولوياته بحيث تتكامل أولويات تلك المجموعة مع بعضها، ولكن تحديد الأولويات يحتاج إلى «العقل والحكمة» أي إلى «الحلقة الموجودة» حين يتم استخدامها على الوجه الأكمل، وفي الإطار الأشمل، بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، تخطيطا وتنفيذا وتحملا للنتائج، إذ لم يعد ممكنا أن نتحدث عن الاستثمار الصناعي في غياب الصناعيين، ولا عن الاستثمار الزراعي في غياب الزراعيين، وهكذا في كل القطاعات!
وبقدر ما أعجبني العرض الذي قدمه وزير الصناعة والتجارة والتموين السيد يوسف الشمالي من خلال برنامج «ستون دقيقة» حول الفرص المتاحة لمواجهة تحديات الأمن الغذائي من خلال الشراكة الأردنية الإماراتية المصرية بقدر ما شعرت بعظم الواجبات المترتبة علينا كي نجعل من هذه الفرصة منطلقا لإعادة تكييف مواردنا الطبيعية، وتجميع طاقاتنا وإمكاناتنا المادية والبشرية للاستفادة من الفرص التي يتيحها الصندوق الاستثماري الخاص بالشراكة برأسمال قدره 10 مليارات دولار، وتوظيف ميزاتنا التنافسية، خاصة وأن كل ما ذكره الوزير من معلومات حول مجالات التعاون والتكامل تؤكد أن مساهمة الأردن بما يملكه من إمكانات ستكون كبيرة بقدر ما هي فاعلة في هذه الشراكة.
القصد هو أن «الحلقة الموجودة» قد أصبحت أمام أعيننا، وأن الحكمة تقتضي أن يتم التعامل مع هذه الشراكة وغيرها من الشراكات من منطلق أن الأردن طرف قادر وفاعل فيها، بقدر ما هو مستفيد منها، من أجل تحسين واقعه الاقتصادي، ومعالجة مشكلتي الفقر والبطالة، وغيرهما من المشاكل الناجمة عن الأزمة الاقتصادية التي يمر بها، شأنه في معظمها شأن غيره من شركائه العرب.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي