الجمعة 19-04-2024
الوكيل الاخباري
 

الشعر يخترق حظر التجول



تلغي اللغة العربية الفارق الموضوعي بين الحقيقة والخيال لصالح الحقيقة طبعا...أقصد اعتبار كل ما قيل حقيقة مهما شطح به الخيال. هذا واقع فرضه المتكسّبون الذين كانوا يبيعون الأشعار والنوادر والأخبار المسلية للخلفاء والولاة ومن والاهم، لذلك ظهر عندنا أدب رائع وأخبار مذهلة وسخرية مفرطة في الروعة، لأننا نلغي هذا الفارق اللفظي بين الحقيقة والخيال.اضافة اعلان


القصة التالية مثل واضح على خلط الحقيقة بالخيال، فلا يمكن لها أن تحدث على ارض الواقع إطلاقا، وما كان لهم أن ينطقوا أصلا في حضرة الحجاج. الواقع أن الحجاج بن يوسف الثقفي فار بالكثير من القصص الخيالية تماما، التي يدعي الرواة بأنها حصلت بينه وبين بعض العامة، وهي معروفة ولن أكررها.

أكرر لكم اليوم هذه القصة الخيالية، وهي حول منع التجول، في محاولة لإثبات وجهة نظري:

«أمر الحجاج بن يوسف الثقفي بضرب عنق كل من يتجول بعد العشاء، فوجد أحد الجنود في ليلة ثلاثة صبيان فأحاط بهم وسألهم: من أنتم، حتى خالفتم أوامر الحجاج؟

فقال الأول:

أنا ابن الذي دانت الرقاب له

ما بين مخـزومها وهاشــمها

تأتي إليه الرقـاب صاغــرة

يأخذ من مـــالها ومن دمها

فأمسك عن قتله، وقال: لعله من أقارب الأمير الحجاج

وقال الثاني:

أنا ابن الـذي لا ينزل الدهر قدره

وإن نزلت يـــوماً فـسوف تعودُ

ترى الناس أفواجاً إلى ضـوء ناره

فمنهم قيام حولـــها وقــعـودُ

فتأخر عن قتله وقال: لعله ابن أجود العرب

وقال الثالث:

أنا ابن الذي خاض الصفوف بعزمه

وقوّمها بالســــيف حتى استقامتِ

ركاباه لا تنفك رجلاه عنـــهما

إذا الخيل في يوم الكـــريهة ولّتِ

فترك قتله وقال: لعله ابن أشجع العرب.

فلما أصبح رفع أمرهم إلى الحجاج، فأحضرهم وكشف عن حالهم، فإذا الأول ابن حجام، والثاني ابن فوّال، والثالث ابن حائك، فتعجب الحجاج من فصاحتهم، وقال لجلسائه: علّموا أولادكم الأدب، فلولا فصاحتهم لضربت أعناقهم

ثم أطلقهم وأنشد الحجاج قائلاً:

كن ابن من شئت واكتسب أدبـا

يغنيـــك محـمـوده عن النسبِ

إن الفتى من يقـول هـاأنـذا

ليس الفتى من يقول كان أبي»

القصة مسلية كما تلاحظون. لكن الخيال واضح فيها تماما.

وتلولحي يا دالية