الجمعة 26-04-2024
الوكيل الاخباري
 

اللويبدة.. يا فاجعتنا



انتهت أعمال الإغاثة لعمارة جبل اللويبدة المنكوبة، بعد ان خلف انهيارها 14 شهيدا و10 جرحى نتمنى لهم الشفاء العاجل، إضافة لجهود متواصلة من اعمال الإغاثة استمرت عشرات الساعات.اضافة اعلان

بداية، فان ما حصل في جبل اللويبدة الثلاثاء الماضي يعتبر كارثة إنسانية وفاجعة بما تحمله الكلمة من معنى، ويتعين على الجميع التوقف عندها، وقراءة المشهد بجرأة ومسؤولية دون تهرب او تبرير، وتلمس الإخفاقات والاسباب التي أوصلتنا لذلك.
واذا توفرت النية لشفافية في قراءة المشهد المفجع فإن علينا ترك الحديث ان عمر البناء 60 عاما جانبا، فذاك كلام سطحي لا يجب استحضاره في حضرة ما حصل، فالمدن الكبرى تعمر وتعيش مئات ومنها من يعيش آلاف السنين، وهناك أبنية تاريخية حاضرة، ما زالت تقف كالطود، فبيروت ودمشق والقدس والخليل ونابلس وبغداد والقاهرة وطرابلس ومراكش والقيروان، وغيرها فيها أبنية عمرها مئات السنين، وما تزال قائمة، وفي هذا المقام لا اريد استحضار الكلام عن أبنية في باريس ولندن وبرلين وبودابست وصوفيا وموسكو وبوخارست التي يوحد فيها أبنية جاوز عمرها 500 عام.

دعونا نضع النقاط على الحروف، وقبل كل شيء لا شك ان التحقيق مع صاحب العمارة سيأخذ شكله القانوني، وبالتالي لا يمكن الحديث في هذا الجانب وترك التحقيق يأخذ مجراه الطبيعي، بيد ان ذاك لا يعني الاتكاء على ذاك، وإنما علينا التفكير خارج الصندوق عن الأسباب التي أدت لما وصلنا اليه، والدور الذي يقع على عاتق امانة عمان والجهات المختصة في متابعة الأبنية القديمة وحصرها والكشف عنها معماريا وطبغرافيا، وجيولوجيا، وحصرها، ووضع تقرير حولها، من ناحية متانة البناء وقدرته على التحمل.
وهنا يتوجب السؤال عن سبب تأخر امانة عمان في حصر الأبنية القديمة والمتهالكة، ولماذا نتأخر دوما في ذلك ولا نتحرك الا بعد وقوع الكارثة، وأحيانا قد لا نتحرك ابدا، ويبقى تحركنا عبارة عن تصريحات وزيارات وثناء على جهود الدفاع المدني، الذي يستحق الإشادة على صبره ودوره.

نعرف ان هناك أبنية في اللويبدة وجبل عمان القديمة وسفح الحسين والقلعة وجبل السرور والتاج والجوفة والنزهة والنظيف والملفوف والمريخ ورأس العين والاشرفية والمحطة مضى عليها اكثر من 70 عاما، واعتقد أن أمانة عمان والجهات المعنية يعرفون ذلك، فلماذا لا يتم حصر تلك المباني والاجتماع مع أصحابها والتأكيد عليهم على أهمية الترميم المبرمج الهندسي بإشراف الامانة وطاقمها الهندسي.
نريد مراجعة وحصر الابنية وترميمها هذا صحيح ولكن في الوقت عينه لا نريد ان تفقد عمان طابعها التاريخي، وأن يعمل فأس الهدم في جبالها القديمة، وتفقد مديتنا ارثها، ورونقها، وتراثها وتاريخها، وانما نريد الحفاظ على القديم وترميمه هندسيا دون طمس معالمه.

وحتى تبقى الجهات المعنية على تواصل مع اصحاب الابنية القديمة فان حصر اعداد أصحابها مسؤولية الأمانة والجهات الأخرى وربط الاتصال بهم إلكترونيا يجعلنا على تواصل معهم حتى لا نتفاجأ بحادث اخر لا قدر الله، فلماذا لا تقوم الاطراف المعنية بدورها قبل ان يقرع الجرس وقبل ان نفقد أرواحا زهقت دون سبب، وأرواحا ذهبت كان اصحابها يجلسون في بيوتهم مطمئنين امنين، بعضهم يشاهد التلفاز، وبعضهم يشرب قهوته، وبعضهم يراجع دروسه وواجباته المدرسية، وبعضهن يقمن بأعمال المنزل، كانوا وادعين آمنين، وفجأة انهار عليهم السقف وزلزلت الارض، بعضهم ذهب، وبعضهم الاخر ما يزال يتلقى علاجه، ولكنهم سيحتفظون بذكرى ما حصل ويتأسفون عمن مضى منهم، ما حصل وجعنا جميعا أوجعنا حد القهر، سرق من الوادعين احلامهم وقتل روح الطفولة عند بعضهم، فمن يا ترى سيتحمل ذلك الألم؟!، وهل سنسجل ما حصل ضمن ذكريات التاريخ وكفى ام سنبادر لتحمل المسؤولية وعدم ترك الأمور دون علاج؟