الجمعة 29-03-2024
الوكيل الاخباري
 

النواب وخطاباتهم: بداية “عرجاء”!



استمع الأردنيون حتى يوم الخميس الماضي إلى كلمات 41 نائبا، والتي تأتي في إطار مناقشة البيان الوزاري الذي تقدمت به حكومة الدكتور بشر الخصاونة، لنيل ثقة أعضاء مجلس النواب التاسع عشر. هذه الكلمات كانت بلا أي عمق سياسي أو اقتصادي. وباستثناء نائبين اثنين فقط، تكاد تكون كلمات النواب نوعا من العبث الذي لا طائل منه.اضافة اعلان

اليوم سوف نستأنف الاستماع للخطابات، إذ يتبقى 89 نائبا. هل نتفاءل بتغيير محتوى الخطابات الرنانة التي جلدنا بها من سبقهم، بينما لم يسهموا في تشريح ما تقدم به رئيس الوزراء إلى المجلس لكسب الثقة؟ الأيام القريبة المقبلة ستجيب على ذلك.
بالتأكيد أن ما جاء به النواب عبر كلماتهم لا يلبي متطلبات المرحلة، ولا حتى جزءا منها، كما لم يعكس الصورة الحقيقية التي نأمل أن يكون عليها مجلس نواب يضم بين ثناياه 98 نائبا جديدا ينبغي لهم أن يفكروا جيدا في ألا يكتسبوا الصورة النمطية نفسها التي ظهر بها أعضاء المجالس السابقة، وأن يسهموا أيضا، بجسر الفجوة بين المجلس والشارع.

الحقيقة، أن ما استمعنا إليه حتى اليوم محبط للغاية، وقد لا يبشر بخير كبير في المستقبل، إذ إننا استمعنا لذات الرتم، ولذات الحديث المستهلك، الذي لا جديد فيه، ولا يعكس وضوح الرؤية بالنسبة لأعضاء المجلس، ولا استثنائية المرحلة وجديتها، كما لم يشخص الحال ويطرح الحلول والمقترحات. كان حديثا بلا أي معنى، بينما الاستماع إليه مضيعة للوقت والجهد.

كثيرون انتقدوا خطاب الخصاونة، وقالوا إنه إنشائي، أسهب فيه الرئيس بالحديث وألزم حكومته بما يفوق قدرتها وإمكانياتها، وأنه يحتاج إلى سنوات لتنفيذه، هذا كان مدعاة إلى أن يستقصي النواب العمق في نقاشاتهم، وتقديم قراءة حقيقية لبرنامج الحكومة، خصوصا أن كل نائب منح مدة زمنية كافية لقول ما يريد، وأن يستفيض في السؤال والاستفسار.

كلمات النواب شكلت رسائل لقواعدهم الانتخابية، وفاضت قرائحهم بأقوال تهدف إلى مداعبة من أوصلوهم إلى قبة البرلمان. لم تكن هناك رسائل موجهة للحكومة، ولم يكن هناك هجوم على الحكومة وبرنامجها، حتى في حالة الانتقاد كان انتقادا عاما غير مبني على المعطيات المتوفرة، ولم يحمل أي فائدة أو جدوى.

ربما يعيد البعض ضعف كلمات النواب إلى عدم امتلاكهم الخبرة الكافية لمناقشة بيان الحكومة، ولحرصهم، في الوقت ذاته، على إيصال صوت ناخبيهم كأولوية على اعتبار أنه الظهور الأول لهم. لكن هل كان من الصعب أن يعمد هؤلاء إلى طرح مختلف تماما يعكس شخصية النائب وقوته، وبذات الوقت يحقق التوازن مع قواعده الانتخابية!!

رئيس الوزراء يشعر براحة تامة، إذ لم يصطدم حتى الآن بانتقادات جادة وحادة لبرنامجه الحكومي، كما أنه سلم من أي انتقادات شخصية كالتي تعرض لها الدكتور عمر الرزاز. في حقيقة الأمر لم يتمكن نائب حتى الآن من استفزاز الخصاونة، فهو في وضع مريح يحسد عليه.

النواب المتحدثون حتى الآن، رسخوا مفهوم النائب الخدماتي، وبدا ظاهرا للجميع ضعفهم السياسي والاقتصادي، ومنهم من حرص على تقديم مصلحته الشخصية على المصلحة العامة، بينما تجلت السطحية واضحة جلية في قراءتهم للخطاب الحكومي. إنها بداية غير موفقة لمجلس نواب سيرافقنا لأربعة أعوام قادمة، ويفترض به أن يعالج حالة الثقة مع الشارع، فهل تبدو البوادر مرضية حتى الآن؟ أشك كثيرا في هذا!