الجمعة 19-04-2024
الوكيل الاخباري
 

تأثير المحيط الإقليمي في الانتخابات الإسرائيلية



الانتخابات الاسرائيلية مهمة جداً ومفصلية، لجهة مصلحة الكافة بخسارة نتنياهو الذي ألحق ضرراً سياسياً وأمنياً بالغاً بالإقليم وبلده؛ لنا فقط أن نستذكر أجواء السلام التي سادت بالتسعينيات، ومقارنتها بحجم الغضب والكره وعدم القبول المتصاعد تجاه إسرائيل من قبل محيطها، حتى عند الدول التي وقعت اتفاق سلام معها. بسبب نتنياهو، تحولت تلك الدول من سلوك الدفاع عن السلام والاتفاق مع اسرائيل، لسلوك القبول بالسلام كواقع براغماتي مفروض، وليس لفحواه القيمي او للقناعة به.

اضافة اعلان

 

ستحتاج أي حكومة إسرائيلية قادمة بعد نتنياهو سنوات طويلة من العمل المضني لترميم ما بدده من مصداقية، وما أحدثه من ضرر للسلام وبالتالي للأمن، لا لشيء، إلا لمكاسبه السياسية وبهلوانياته الانتخابية.

يمر نتنياهو بحالة انتخابية هستيرية، يستخدم فيها أسلوب القصف العشوائي السياسي والامني والعسكري من أجل تعزيز حظوظ فوزه بالانتخابات، وسط عجز وضمور ردات فعل منافسيه الانتخابيين ورافضيه الاقليميين. أخطر تلك الهستيريات، غير المشروعة وغير المبررة، تلك المرتبطة بقضمه للارض وفرض السيادة عليها وإعلانه الانتخابي بخصوص أراضي الضفة، ضارباً عرض الحائط مصالح شركاء السلام الأردنيين والفلسطينيين، ومفترضاً أن هذه الأطراف ستكون بلا حول ولا قوة، متناسياً أن لديها من أوراق المواجهة السياسية والقانونية والامنية ما يقض مضاجعه.

يمكن، بل ويجب، استثمار واستغلال جنون نتنياهو الانتخابي وتوجيه ضربة سياسية مشروعة والارجح قاصمة ومؤثرة في مشهد إسرائيل الانتخابي. إعلان نتنياهو فرض السيادة على الغور الغربي والمستوطنات بالضفة يجب استثماره عربياً لإرسال رسالة قوية للناخب الاسرائيلي، أن نتنياهو يمتطي معادلة الامن الاسرائيلي، ويقوم بليّ ذراعها، ويغضب الدول العربية المعتدلة قبل المتشددة، والتي كان لعلاقاتها مع اسرائيل اكبر الاثر في معادلاتها الامنية.

نتنياهو اليوم يهدد تفاهماته واتفاقات السلام مع محيطه، وهو بذلك يهدد الأمن الوطني لبلاده، لأغراض انتخابية انتهازية بحتة. هذا ما يجب أن يمثل فحوى الرسالة السياسية العربية للداخل الاسرائيلي؛ أن نتنياهو يهدد الاتفاقات معنا، وهو بذلك، وعلى عكس ما يدعي، يضعف ويقوض أمن اسرائيل ولا يعززه، وأننا لن نكتفي ببيانات نعلم عدم احترامه لها، بل قد نذهب لخطوات أبعد من ذلك لإيقاف تهديده لمصالحنا السيادية. مؤسف ترك قدرات التأثير الكامنة الكبيرة بالداخل الاسرائيلي من قبل الدول العربية دون تفعيل، وكأن الامر لا يعنينا، في حين أن إخفاق نتنياهو بالإنتخابات مصلحة عربية بائنة، حتى لو انحصرت تلك المصلحة فقط بتوقيف تحرشات نتنياهو
المتتابعة والاستعلائية، وانتهاكه لمصالح محيطه العربي خاصة الفلسطينية والأردنية والمصرية.

استطلاعات الرأي تشير لانتخابات محتدمة، واستطلاعات الرأي الداخلية لحملة نتنياهو وحزبه، كما أعلنها، تشير لخسارته المتوقعة خاصة بعد انقلاب حليفه اليميني ليبرمان عليه الذي يفضل حكومة ائتلافية مع اليسار. يجب استغلال ذلك، وعدم توفير أي خطوة ممكنة للتأثير بالمشهد السياسي الاسرائيلي بقيادة نتنياهو، الذي أرهق الجميع، وعزز انعدام الثقة، وبدد فرص السلام.