الإثنين 29-04-2024
الوكيل الاخباري
 

سم الأفاعي



ما تزال إسرائيل تمارس بلطجة لا متناهية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وما تزال القيادات الصهيونية المستعمرة تضغط تجاه تغيير الواقع في المسجد الأقصى المبارك من خلال حفريات حينا وقوانين تقدم للكنيست حينا آخر.اضافة اعلان

 
إسرائيل بوصفها دولة احتلال تسعى جاهدة لتغيير واقع المسجد الأقصى المبارك من خلال السعي للتأسيس للتقسيم الزمان والمكاني له. 

وتستثمر القيادات الاستعمارية ما يجري في العالم من صراعات وأزمات لفرض واقع جديد، كما تستثمر حالات التقارب بينها وبين بعض العواصم لجهة كسب نقاط لصالحها في معركة الصراع بينها وبين الفلسطينيين، والمؤسف أن هذا الصراع الذي كان في يوم من الأيام بمثابة صراع بين الصهاينة وبين الأمتين العربية والإسلامية تقزم وبات صراعا خاصا بالفلسطينيين وحدهم دون غيرهم، فلم نعد نسمع في أبجديات دول عربية كلاما عن احتلال إسرائيل لفلسطين أو عن حق الشعب الفلسطيني في الاستقلال ونيل حريته، كما لم نعد نسمع عن تحرير المسجد الأقصى من يد الاحتلال، باستثناء ما يقوم به الأردن في هذا المجال والحديث المتكرر عن الأقصى والاحتلال والانسحاب من القدس والمدن المحتلة، والوصاية الهاشمية على المقدسات، حتى أن ذاك بات يزعج المحتلين.

نعم صحيح أن العالم يتغير، وصحيح أن هناك متغيرات متواصلة ومفاجئة في بعض الأوقات، بيد أن تلك المتغيرات العالمية يمكن أن نستحضر منها كعرب عبرا جمّة أبرزها إعادة التفكير بأهمية التقارب بين بلدانهم، وأهمية الحوار وتعزيزه، وأهمية الحديث عن مشاريع بنيوية بين دولهم، إذ إن مثل تلك المشاريع من شأنها وقف أي تمدد صهيوني تجاه بعض الدول العربية.
التقارب العربي من شأنه إزاحة الكيان الصهيوني خارج المشهد، وهذا من شأنه إعادة دولة الاحتلال لوضعه الطبيعي أمام العالم بوصفه دولة احتلال يجب أن ينتهي، وبوصفه دولة مارقة خارجة عن الشرعية الأممية، ولا تعترف بالقوانين الصادرة عنها، وباعتبارها كيانا سرطانيا لا بد من القضاء عليه.

أعتقد جازما أن أي تفكير في الإطار العربي وبما يضمن إقامة مشاريع عربية بنيوية عابرة للدول سيضع حدا لأي تفكير آخر لبعض الدول التي تسعى لإدماج إسرائيل في المحيط العربي، وانخراطها جيو سياسيا في الإقليم دون إجبارها على الانسحاب من الأرض المحتلة أو وقف المستعمرات على تلك الأرض، ودون الانتصار للمسجد الأقصى وما يعانيه يوميا جراء بطش الاحتلال.

وفي هذا الإطار التقاربي الذي لمسناه من بعض الدول فإنه لا عجب من خروج أفواه عربية تتقبل الصهاينة وتدعو للتعايش معهم، ولا عجب من خروج أصوات مشابهة تتبرأ من الأقصى وتعتبره مسجدا عاديا لا يضيره لو احتل؛ فتلك الأصوات ربيت بيننا حتى تخرج في مثل تلك الأوقات، وحتى تمارس دورها التضليلي في تبريد الفكر العربي تجاه إسرائيل وتقزيم الصراع باعتباره بين طرفين إسرائيليين وفلسطينيين، وأن باقي شعوب العرب والعالم لا دخل لهم فيما يجري. 
نعم واقع أعوج، ومرير ومخزٍ، ولكن في نفس الوقت لا بد من التذكير، أن هذا الفكر الأعوج الذي يمثل سمّ أفاع يجري في الجسد، ترياقُه التقاربُ العربي وإقامة مشاريع تنموية.