الجمعة 03-05-2024
الوكيل الاخباري
 

شو دونيو عندنا يا مرحبا..



هل نضبت السلع أو بعضها من أسواقنا؟ .. لا أتحدث عن الأسعار بل عن استمرار تدفق السلع الى أسواقنا، فهذه هي المشكلة اليوم حول العالم، الغذاء يشحّ، وإنتاجه يقل، وما زال «الكبار» يتصارعون حول النفوذ وتسويق السلاح والسيطرة على الموارد الطبيعية والمواقع الاستراتيجية، والاستيلاء على الآخرين وأراضيهم ومواردهم.. وإبادتهم وتهجيرهم، وكل صنوف العذاب البشري والخراب .. والقصة الأهم بالنسبة لأغلبية سكان الكوكب هي الغذاء.. الأكل يعني والشرب.اضافة اعلان


الأردن؛ وبحكم تحديات جائحة كورونا، ذهب إلى النقطة الأهم، وهي التي أثارها جلالة الملك بداية انطلاق الجائحة، ووجه الحكومة والقطاع الخاص وكل المعنيين، بضرورة توفير الغذاء للناس، فطرح مشكلة الأمن الغذائي بتوقيت استثنائي، وهبت كل الدولة آنذاك لتنفيذ الاقتراح الاستراتيجي، وبحكم «الجائحة» أيضا وتحدياتها، برز دور وزارة الزراعة وقدمت جهدا يعرفه الناس كلهم، فلا شكوى حقيقية من ندرة السلع ولا حتى ارتفاع سعرها في العام الأول من الجائحة، ولم تتوقف عجلة الانتاج الزراعي، واستمرت الوزارة بتطوير قدراتها وتحسين البنى التحتية، لضمان تدفق الغذاء الى الأسواق وإلى موائد الأردنيين والمقيمين واللاجئين والضيوف والسواح.. الخ سلسلة المستهلكين، وتم تأمين مدخلات الانتاج الزراعية بتأمين البذور والأسمدة والأدوية.. ومختلف أنواع الدعم الفني والتكنولوجي أيضا، وكانت وما زالت تجربة وزارة الزراعة تتقدم وتنمو بإيجابية، وتقدم نموذجا ربما لا يعرفه سوى المختص..

ارتفعت كلف الانتاج، وأسعار الشحن، وقل الانتاج بحكم الجائحة ثم الصراعات الدموية فوق تأثير المناخ المستمر، الذي أدى إلى انحسار مياه الامطار، أو جفاف مصادرها، وكثير من التقارير تتحدث عن جفاف في اروبا وغيرها بفعل التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الأرض.

الأردن سار في تحقيق هدف استراتيجي بعيد المدى، وهو تدشين مرصد اقليمي للأمن الغذائي، وما زالت التجربة الأردنية التي انطوت على استباقية، وبعد ونظر، وقراءة سياسية اقتصادية للواقع الراهن والمستقبل الصعب، وهذا أول ما نفهمه من مجيء السيد «شو دينو» مدير عام منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «الفاو» إلى الأردن والاجتماع بكل الجهات الأردنية الرسمية، فهذه المنظمة مؤثرة على صعيد العالم تماما كتأثير وزارة الزراعة في الأردن، بالنسبة لموضوع الغذاء وديمومة انتاجه وتأمينه للناس.

السيد دوينو، عبر عن إعجابه بما قامت وتقوم به الأردن، وأشاد بجهود الملك والحكومة وكل المؤسسات المعنية، ولن أتحدث عن انطباعاته وما في جعبته، لأنه سيلتقي بكل المسؤولين ذوي العلاقة، ويعرف أكثر عن توجهات الأردن لتكون مركزا استراتيجيا لوجستيا للأمن الغذائي في المنطقة، وسيلتقي بجلالة الملك ورئيس الحكومة بعد أن عقد اجتماعات في وزارة الزراعة، فهذا المسؤول له جهود معروفة في مجال تأمين الغذاء وضمان استمراريته، ويسعى لإبراز الدور الاستراتيجي للتحالفات الدولية في مجال تحقيق الأمن الغذائي، وهذا قد يبدو كلاما مستهلكا لغير المهتمين، لكنه ليس كذلك حين نفهم أن دور التحالفات الدولية اليوم مع كل أسف ينحو لمزيد من الصراعات، التي تؤدي إلى قلة الانتاج وظهور نذر المجاعات حول العالم.

لم ولن نعاني في الأردن بمشيئة الله، ثم بجهود المخلصين من أزمة نضوب وفقدان الغذاء، رغم أن هذه المشكلة بدأت تظهر في دول ذات اقتصاد قوي، وزاخرة بالموارد الطبيعية والمياه، وتتعرض اليوم لأزمات مختلفة، ومطالبات شعبية لتأمين الغذاء لمواطنيها.. بينما نحن نتحدث عن استدامة شاملة، رغم شح مواردنا، ورغم ظروفنا وأزماتنا الكثيرة.. هذه نقطة إيجابية مشعّة لا تجد من يتناولها بموضوعية، في وقت احتدمت فيه الآراء والحوارات «البيزنطية»، ولست أدري كيف سيكون حال كثيرين منا لو نضب الغذاء أو تعذر على الناس شراؤه ..ولا نقول أن أسعاره لم ترتفع عندنا وحول العالم..

اللهم أدمها نعمة واحفظها من الزوال.