السبت 20-04-2024
الوكيل الاخباري
 

فحص مسبق للطلبة قبل عودتهم



سبحت في فضاء العالم الافتراضي آلاف الآراء حول آلية التعامل مع عودة الطلبة الأردنيين من الخارج، ومدى تأثير ذلك على الوضع الوبائي في المملكة. التخوف الأكبر كان من آلية فحص هؤلاء؛ هل تكون في المطار، أم في أماكن حجرهم؟اضافة اعلان


لا شك أن الأمر بالنسبة للدولة مرعب، وكذلك يعتبره الشارع، كونه يأتي بعد نحو 45 يوما من الإجراءات المشددة والحظر شبه الشامل، وتعطيل القطاعات المختلفة والحركة الاقتصادية، وهي الإجراءات التي قادت في النهاية إلى محاصرة الوباء، والعودة بالحياة في المملكة إلى طبيعتها تدريجيا، خصوصا بعد عدم تسجيل إصابات بكورونا في الداخل لعدة أيام.

في الواقع، الأمر ليس هينا أن نصل إلى هذه المرحلة من الطمأنينة، ومن ثم نبدأ بالعيش في حالة توجس، ونخاف من عودة الوباء من جديد، وبطريقة لا نعرفها.

الحديث هنا عن أكثر من 24 ألف طالب، ومن بعدهم الأردنيون العاملون في الخارج والراغبون في العودة بعد توقف أعمالهم، وهؤلاء لا شك قد يشكلون قنبلة موقوتة إذا لم ندرس جيدا آليات استقدامهم، وضمان عدم مخالطتهم للشارع إلا بعد الاطمئنان من خلوهم من الفيروس.

الحكومة ترى أن الفحص سيكون بعد يومين من وصولهم، وهو إجراء خطير للغاية وعواقبه وخيمة، بينما معظم الآراء تصب في ضرورة الفحص لدى وصولهم المطار مباشرة. الحكومة تعلل ذلك بتخوفها من أن ذلك سيؤدي إلى اختلاط القادمين فيما بينهم، ما يعني أن احتمالية نقل الفيروس عالية جدا إن كان بينهم من هو مصاب.

المسألة شائكة للغاية، ولا تحتمل أي خطأ، لذلك فمن الأسلم أن تعتمد الدولة الفحص المسبق للطلبة العائدين إلى الأردن في أماكن تواجدهم قبل موعد سفرهم، أي أنه يجب أن تتضمن شروط عودة الطلبة حملهم نتائج فحص الفيروس.

اتباع هذا الإجراء سيخفف من الخطر القادم، وسيحافظ على مستوى الوضع الوبائي في المملكة الذي يقترب من نهايته. سائقو الشاحنات خير دليل على الآلية الناجحة في الحفاظ على السلامة الصحية في الوطن، فعملية فحصهم تتم على الحدود وقبل دخولهم إلى المملكة، لكن هذا لن ينجح أبدا بالنسبة للطلبة إذا ما نظرنا إلى أعداد القادمين والاحتمالية العالية للاختلاط فيما بينهم.

ولأن صحة الأردني أولوية، وتقدمت منذ بدء الأزمة على كل جوانب الحياة الأخرى وعلى رأسها الاقتصاد، فمن مسؤولية الدولة أيضا أن تدرك أن سلامة المسافرين القادمين إلى الأردن أمر غاية في الأهمية، وضمان عدم وجود مصابين بين الطلبة قبيل إقلاع الطائرات من دول الخارج باتجاه الأردن، ما يعد كفيلا بحماية كل ركاب تلك الطائرات، وما يعني أننا حاصرنا الفيروس خارج حدود المملكة، ولن نضطر إلى التعامل معه في الداخل وفتح المجال أمام الاحتمالات المختلفة.

معنويا وإنسانيا؛ من الصعب تقبل أن أحد أبنائنا الطلبة أظهرت نتيجة فحوصاته أنه مصاب بكورونا، وبالتالي حرمانه من العودة إلى وطنه وأهله، وهذا يشكل ألما كبيرا له وللجميع في الدولة، لكن الصحة العامة هي العنوان الأهم حين نتحدث عن مجموع المواطنين الذين من حقهم هم أيضا الشعور بالأمان والاطمئنان.

ولا يعني ذلك أن تتخلى الحكومة عن مسؤولياتها تجاه هؤلاء، فمن الممكن أن تتابع السفارات الأردنية في الخارج أوضاع هؤلاء، وأن تضمن توفير كل سبل الرعاية الصحية والعلاج، وأن يكون ذلك على نفقة الدولة إن تطلب الأمر. وفي هذه الحالة نكون قد حافظنا على ما وصلنا له من سيطرة على الوباء، وفي الوقت ذاته لم نترك أبناءنا في الخارج فريسة لهذا الفيروس وللظروف الصعبة التي يعيشونها.