الأربعاء 24-04-2024
الوكيل الاخباري
 

قصّتنا مع العفريت



إذنْ كلّ شيء يجلس على كفّ عفريت . فحينما سألتُ تربوياً : كيف ترى وضع التعليم في الوطن العربي ؟ أشعل سيجارة بالمقلوب ووضع ساقاً على ساق حتى بانت (فتحات جراباته المتآكلة ) و قال كلاماً كثيراً من ضمنه أنّ وضع التعليم على كفّ عفريت .! ولم يقل لي عن شكل هذا العفريت وعن صفات الكفّ .هل هو ضخم الجثّة وعريض المنكبين و كفّه تشبه مليون كتاب بجانب بعضٍ أم أنه عفريت مستجدٌّ و قزم و أصابع كفّه تشبه (أصابع زينت)..؟!.اضافة اعلان

وقبل أيّام سمعتُ مثقفاً عربياً يلطم خدّيه دون يدين وهو يتحسّر على انتصارات الثقافة العربية التي تحولت إلى هزائم بالوان قوس قزح و اصرّ على ان وضع المثقف أديباً و فناناً و مفكراً على كفّ عفريت ..!
ولأنني لا أحب الميل للحديث – الآن - عن السياسة و عن البقع الساخنة في الوطن العربي لأن (كفّ العفريت) أصلاً لا يغادر لا العراق ولا سورية ولا ليبيا ولا اليمن..و العفريت الموجود في فلسطين عفريتٌ (مُعتّق) و يفهم في كل أشكال الأكروبات ..!
ما يستوقفني ليس (الوضع) ولا (كفّ العفريت) ..ما يستوقفني أسئلة بريئة لا أدعي طهارتها ..! هل العفريت الذي يضع كل شيء على كفّه هو عفريتٌ واحد أم كل شيء له عفريت ..؟ هل يجب أن تكون حربنا المركزية مع هذا العفريت الذي جرّنا أثناء غفوتنا ووضعنا على كفّه أم يجب أن نشكره لأنه أنقذنا من حرائق كثيرة تجري على الأرض و لو بقينا لاحترقنا ؟. هل عندما (تنخبص) الأوضاع في المنطقة يكون العفريت قد تثاءب أم أن هناك من (يزغزغ) العفريت ليجعله يضحك ..؟! هل العفريت يجوع و يعطش مثلنا و هناك عفاريت يعملون على سقايته و إطعامه أم أنه يعيش (بعلاً) على مياه الأمطار و يأكل من غنائم المعارك التي تجري على كفّه ..؟ وهل وهل وهل ..؟! ومثل (هل) هذه و تلك عشرات الأسئلة.
أخشى أن تكبر الحكاية في دماغنا العربي و نطوّر هذا العفريت و نجعل من كفّه مشروعاً استثماريّاً في كل شيء ..فالمرأة العاقر يكفيها (اوقية) من (عشبة كف العفريت ) لكي تنجب فارساً ينضم إلى طابور العاطلين عن العمل ..و الطالب الذي لا يركّز في الدراسة يكفيه زجاجة من (محلول كفّ العفريت) يخلطها بخزان ماء استحمامه لكي تتفتح كل صناديق الذاكرة ..و لتحسين الحظّ و جلب السعادة و (مقاهرة جيرانك) عليك بـ(زيت كف العفريت) ..!
باعتقادي الجازم أن العفريت و كفّه مثل (أبو رجل مسلوخة) ..لا يستعين به إلا من سكنه الخوف و انعدم الحيلة . ونحن ما زلنا على الأرض بجحيمها و جنّتها ..والكفّ التي نعتقد أننا نجلس عليها ما هي إلا عجزنا عن مواجهة أنفسنا أمام المرآة الحقيقيّة بلا مكياج أو نفخ و شفط و سيلكون.
صدق المثل الذي ألعب به بتصرف : من ليس لديه كفّ عفريت فليشترِ له (كفّاً) و العفريت يأتِ على أقل من مهله..! لأننا لو كنّا على كفّ عفريت فكلّ الخوف بأن يغضب هذا العفريت لأي سبب كان و يقرر أن يسحب كفّه من تحتنا و نحن معلّقون على كفّه فوق فوووووق ..ماذا سيحدث بنا و لنا بعدها ..؟.