الخميس 28-03-2024
الوكيل الاخباري
 

لا حياة سياسية دون حياة حزبية



طبيعي أن تتعرض الأحزاب السياسية لهجوم من بعض الذين يريدون إبعادها عن المسرح السياسي حتى يبقى لأولئك حق التواجد والتأثير، وحتى تبقى لهم قوة لتسويق  أنفسهم لدى هذا وذاك.

اضافة اعلان


وطبيعي أن يقفز البعض مشككا حينا ومهاجما أحايين أخرى، مستلين سيوفا صدأت، وشعارات خشبية لعرقلة اي توجه اصلاحي تجاه الاحزاب.

إن ما نراه خلال ايام ماضية وتشكيك البعض في الأحزاب بكل تلاوينها ودورها يجعلنا اكثر قناعة وإيمانا أن الأردن جاد وحقيقي في توجهه لتمكين الأحزاب ومنحها دورها في الشأن العام، وان جلالة الملك حريص على ذلك، ويدفع بهذا الاتجاه بقوة وعنفوان، ولذلك بتنا نرى ان بعض المرتجفين الذين يَرَوْن ان وجود حياة حزبية قد تقف في طريقهم وتعيق اهدافهم وتمنعهم من مواصلة شدهم العكسي الذي مارسوه عبر سنين، بتنا نرى اولئك يرفضون الفكرة ويشككون في جدواها، ويهاجمون الاحزاب.
لست هنا بصدد الدفاع عن الاحزاب، فهم لديهم أدواتهم التي يستطيعون بموجبها الدفاع عن أنفسهم، ولكنها فرصة لتذكير البعض ان الأحزاب في الأردن بكل تلاوينها كانت وما تزال وطنية الهوى، وتمتلك برامج سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية لمعالجة قضايا آنية وأخرى بعيدة المدى، وان تلك الأحزاب كانت عبر بدايات القرن الماضي وحتى منتصفه عنصرا مهما من عناصر تطوير الحياة السياسية، فالأردن عرف العمل الحزبي منذ بدايات القرن، والأردنيون تحزبوا قبل غيرهم، ولذلك فإن التوجه الذي نراه اليوم تجاه تمكين الأحزاب إنما تأخر كثيرا وهو اعتراف متأخر بأهمية وجودها وضرورة مساعدتها لكي تصل لرؤيتنا ورؤية الملك في حياة سياسية وبرلمانية وحكومات برامجية حزبية.

 المتفق عليه ان لا تطوير للحياة السياسية دون وحود احزاب، والأحزاب لطالما تعرضت لتهميش من قبل البعض والتعرض لها من قبل البعض الآخر، حتى وضع الملك الأمور في نصابها واعلن عن تحول سياسي وإصلاحي.
الهجوم الممنهج على الأحزاب يدلل بوضوح ان عزم الاصلاح حقيقي، ولا تستطيع اي قوة شد عكسي ايقافه.. ربما تستطيع تلك القوى عرقلته من خلال اثارة هويات فرعية حينا واستحضار اخطار غير واقعية، ولكن تلك القوى ستعرف ان الأردن يريد ان ينتقل من مرحلة الفردية والجهوية الى مرحلة الحزبية وبناء دولة المؤسسات والقانون، دولة العدالة وتكافؤ الفرص، دولة المساواة والمواطنة، دولة سيادة القانون ورفض الجهوية والعشائرية والإقليمية والعنصرية بكل اشكالها وتلاوينها وتحت اي شعار.
ذاك التحول الإصلاحي بطبيعة الحال لن يعجب البعض ولذلك لا عجب ان نراهم يبحثون عن كل وسيلة ممكنة لعرقلة توجه الدولة نحو الاصلاح، فنراهم تارة ينفثون سمومهم في كل الاتجاهات مستحضرين حينا هويات فرعية، وحينا ادعاء حرص غير حقيقي على الهوية الوطنية، وغيرها من عناوين يختبئون خلفها للهجوم على اي تطور اصلاحي حقيقي، وكأنهم وحدهم يملكون حمية الدفاع عن الهوية الوطنية، والآخرون مشكوك في ولائهم وانتمائهم!.
ان العمل الحزبي الذي خبره الاْردن قبل ان اخرين تعتبر  حالة متطورة  من حالات الاصلاح واولئك المشككين  عليهم التسليم ان شعاراتهم التي كانوا يرفعونها لتحقيق التفاف حول افكارهم باتت غير مفيدة ولا تبني اوطانا ديمقراطية، وإنما يريدون منا البقاء في المنطقة الرمادية بين جهوية ودولة حديثة.

نعم  يا سادتي الاْردن يمتلك توجها اصلاحيا حقيقيا، ويعمل جاهدا ليكون  مختلفا عن دول تعتقد ان الديمقراطية هي شتم الاخر وترك مساحات لرفع منسوب الشتم والتضليل، والاردن واغلب الاردنيين  يمتلكون رؤية اصلاحية تقوم على التشاركية واحترام الذات،  ولذلك بتنا نرى قوى شد خلفي متعددة تبحث عن شتى الطرق لعرقلة هذا التوجه ووضع حواجز في طريقه.

مجمل القول ان الأحزاب عنصر أساس للديمقراطية والدولة الحديثة تعني سيادة القانون بعيدا عن الاصطفافات الجهوية والعشائرية فالاصطفاف الأهم  هو للاردن وطنا وشعبا وأرضا.