بوصلة الأولويات !!!

احيانا يكون للتوقيت دور البطولة او نصفها على الاقل في حدث ما وكذلك الاولويات، فهي ما ان تنقلب رأسا على عقب حتى يكون الخلل قد تمدد الى كل التفاصيل، وفي الحالتين لا بد من استشراف النتائج من خلال المقدمات، وهذا ليس على سبيل التوقعات وقراءة الطوالع، بل من خلال البحث عن الممكنات القابلة لأن تتحقق في المستقبل، وقد تكون معظم الازمات التي عاشها العرب في العقود الماضية من نتاج التلاعب بالاولويات، واستبدال العاجل بالآجل تهربا من المواجهة .

ان لكل اولويات بوصلة، ما ان تصاب بالعطب حتى يختلط حابل الاساسي بنابل الثانوي، وقد يكون الاوان قد فات بحيث لا يمكن التدارك ! وغالبا ما يلعب هاجس النجاة الدور الاهم في التلاعب بالاولويات؛ لأن غريزة البقاء ذات نفوذ بالغ القوة على البشر، والعالم العربي الذي ورث مواعظ منها تلك الموعظة الخرقاء عن نجاة سعد وهلاك سعيد لم يتعلم من التجارب رغم مرارتها وتعاقبها، وانتهى التوأمان اللدودان الى الهلاك . فمن ضحك ذات يوم حتى دمعت عيناه واستلقى على قفاه وهو يرى اخاه يذبح لم يمض كثير من الوقت حتى بكى دما ولحق بالثور الابيض !

والمسألة تحتاج الى قدر من الخيال وهذا ما لا يحتاج اليه الواقعيون جدا كالزواحف، والذين يحملون بيوتهم التي هي قبورهم على ظهورهم كالسلاحف ! ويخطىء من يظن ان الخيال عملي اوادبي فقط، فهو سياسي بامتياز، ولولاه لما كانت هناك استراتيجيات ودفاعات استباقية، لو كان لمن ضحك في جنازة اخيه خيال لاستطاع ان يذهب الى ما هو أبعد من قدميه وأنفه .

ان للاولويات حروبها وبوصلاتها وحين يجري التلاعب بها تنجو الذبابة من جحر الدب ويُشجّ رأس صاحبه !!